إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > الخطب المكتوبة > خطبة مكتوبة بعنوان: ” مختصر خطبة العيد الثاني للمسلمين عيد الأضحى “. ملف [word – pdf ] مع نسخة الموقع

خطبة مكتوبة بعنوان: ” مختصر خطبة العيد الثاني للمسلمين عيد الأضحى “. ملف [word – pdf ] مع نسخة الموقع

  • 15 يونيو 2024
  • 1٬745
  • إدارة الموقع

خطبة العيد الثاني للمسلمين عيد الأضحى المختصرة

 الخطبة الأولى: ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 [ الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر. ]

الحمدُ للهِ مُعيدِ الجُمَعِ والأعياد، ومُبيدِ الأُمَمِ والأجناد، وجامعِ الناسِ يومَ التَّنَاد، وصلاتُه وسلامُه على المبعوثِ رحمةً لِجميعِ العِباد، وعلى آلِه والأصحاب.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فاتقوا اللهَ حقَّ التقوى، واجعلوا تقواه نُصْبَ أعينِكم في السِّرِ والعلَن، والإقامةِ والسَّفر، فقد قال الله سبحانه آمرًا لَكُم: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }، واعلموا أنَّ تقواه إنَّما تكونُ بالمسارعة إلى مَرْضَاتِه، بفِعلِ الحسناتِ، وترْكِ الخطيئاتِ، قبلَ انصِرامِ العُمُر، وفواتِ أوقاتهِ وساعاتِه، فإنَّ اللياليَ والأيَّامَ تُحسَبُ مِن آجالِكم، وهي خزائنٌ لأعمالِكم: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا }، فأودِعوا فيها مِن الأعمالِ الصالحةِ ما يَسرُّكم بعدَ الموت، يومَ يُقالُ لِمَن أحسَنَ: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي }، واحذروا أنْ تُودِعوا فيها مِن الأعمالِ ما يَضُرُّكم، يومَ يقولُ المُفرِّطُ مُتحسِّرًا: { رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ }.

أيُّها المسلمون:

احذَروا الوقوعَ في الشِّركِ بالله، بِصرفِ شيءٍ مِن العِبادة لغيره، كدُعاءِ الأنبياءِ أو الصحابةِ أو الأولياء، فإنَّ الشركَ أعظمُ ذنْبٍ عُصيَ اللهُ بِه، ولا يَغفرُه لِمَن ماتَ عليه، وحابطةٌ بسببِهِ جميعُ طاعاتِ صاحبِه، وقد قال الله تعالى مُتوعِّدًا فاعِلَه: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ }، واحذَروا الوقوعَ في الحَلِفِ بغير الله، كالحلِفِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم أو الكعبةِ أو الشَّرفِ أو غيرِ ذلك، حيثُ صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ))، واسلُكوا سبيلَ السَّلفِ الصالح، ولا تتفرَّقوا في الدِّين إلى أحزابٍ وجماعاتٍ وطُرقٍ صوفيه، فقد توعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم أهلَ التفرُّقِ بالنَّار، فقال: (( لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ )).

واحذَروا إحداثَ البِدعِ في الدِّين أو فِعلَها أو دعوةَ الناس إلى فعلِها أو نشرَها بينَهم، فإنَّ البِدعةَ مِن المُحرَّمات الشديدة، بل إنَّها أعظمُ مِن المعاصي، وقد صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصيتِه الوداعية آمِرًا لكُم وزاجِرًا: (( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسَنَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، فَتَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوًا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ))، والبِدعةُ هيَ: «كلُّ ما أُحْدِثَ في الدِّين بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم واكتمالِ الشرعِ بوفاتهِ مِن الاعتقادات أو الأقوالِ أو الأفعال التي يُتقرَّبُ إلى الله بِها ويُبتَغَى الأجْرُ والثوابُ مِن فِعلها».

واحذَروا مشاهدةَ المُحرَّماتِ والفواحشِ والقبائحِ والرذائلِ عبْرَ الفضائياتِ وبرامجِ التواصل، ومواقعِ الإنترنت، والمسارحِ والسِّينمات والطُّرقات، وتجنَّبوا الغِشَ والخِداعَ والتدليسَ والتغريرَ في البيع والشراء، ولا تتشبَّهوا بأهلِ الكفرِ في عاداتِهم وألبستِهم وقصَّاتِ شعورهم، وابتعِدوا عن الكذبِ والغِيبةِ والنميمةِ والظُلمِ والعُدوان والبَغْيِ والفجورِ في الخُصومات، واتركوا أذيِّةَ الناسِ في أبدانِهم وأموالِهم وأعراضِهم وبيوتِهم وطُرقاتِهم ومراكبِهم وبلدانِهم، واعلموا أنَّ الذُّنوبَ مِن شِركياتٍ وبِدعٍ ومعاصٍ شرٌّ وضَررٌ عظيم عليكم في الدُّنيا والقبورِ والآخِرة، وإنَّها لتُؤثِّرُ في أمْن البلاد، وتُؤثِّرُ في رخائِها واقتصادها، وتُؤثِّرُ في قلوب أهلها، وتُؤثِّرُ في وحْدَتِهم وأتلافِهم، وإنَّ ما يُصيبُ الناسَ مِن المصائب العامَّةِ أو الخاصَّة، الفرديةِ أو الجماعية، فإنَّه بما كسبتْ أيديهِم، هُم سَبَبُه، وهُم أهلُه، هُم سَببُه حيث فعلوا ما يُوجِبُه مِن الشركيات والبِدع والمعاصي، وهُم أهلُه حيث كانوا مُستحقين له، وقد قال سبحانه مُخبِرًا ومُهدِّدًا: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }، وقال تعالى: { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }.

أيُّها المسلمون:

إنَّ الأضحيةَ مِن أعظمِ شعائر الإسلام، وهي النُّسُكُ العامُّ في جميع الأمصار، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: (( ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ ))، ولم يأت عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه ترْك الأضحية قط، فلا يَنبغي لِمُوسِرٍ ترْكُها.

والأضحية لا تُجزأ إلا مِن: الإبلِ والبقرِ والضَّأنِ والمَعزِ، ذكورًا وإناثًا، كِباشًا ونِعاجًا، تُيوسًا ومَعزًا، وجاموسًا، ولا يُجزئ مِن الإبلِ والبقرِ والمَعزِ إلا الثَّنِيُّ فما فوق، وهو مِن المَعز: «ما أتمَّ سَنَة ودخل في الثانية»، ومِن البقر: «ما أتمَّ سنتين ودخل في الثالثة»، ومِن الإبل: «أتمَّ خمسَ سِنين ودخلَ في السادسة»، ولا يُجزئ مِن الضَّأنِ إلا الجَذَعَ فما فوق، والجَذَعُ: «ما أتمَّ سِتَّة أشهر، ودخل في الشهر السابع فأكثر».

واعلموا أنَّ السُّنَّة في الأضحية أنْ تكون سليمةً مِن العيوب، فلا يجوز عند جميعِ العلماءِ أو أكثرِهم: العمياءُ والعوراءُ البيِّنُ عوَرُها، والمريضةُ البيِّنُ مرَضُها، ومقطوعةُ أو مكسورةُ الرِّجلِ أو اليدِ أو الظهر، والمشلولةُ، والعرجاءُ البيِّنُ عرَجُها، والهزيلةُ الشديدةُ الهُزال، ومقطوعةُ الأُذُن كلِّها أو مقطوعةُ أكثرِها أو التي خُلِقَت بلا أُذُنين، والتي لا أسْنانَ لها، والجَرْباءُ، ومقطوعةُ الإلْيَة.

وهناكَ عيوبٌ لا تُؤثِّرُ في صِحَّةِ وإجزاءِ الأضحية: كالأضحيةِ بما لا قَرْنَ له خِلقَةً، أو بمكسورِ القَرْن، والمَخْصِيِّ مِن ذُكور البهائم، وما لا ذنَبَ له خِلْقةَ، وولا يثؤثِّرُ أيضًا القطعُ اليسيرُ أو الشَّقُ أو الكيُّ في الأُذُن.

والسُّنَّةُ عندَ أكثرِ العلماء: أنْ يَتصدَّق المُضحِّي بالثلثِ مِن لَحم أضحيتِه للفقراء، ويُهديَ الثلثَ لِمَن شاء، ويأكلَ هو وأهلُه الثلث، لثبوت ذلك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذَكرَه بعضُ الأئمَّةِ إجماعًا مِن الصحابة.

والسُّنَّةُ عندَ ذبحِ الأُضحيةِ: أنْ تُوَجَّهَ إلى القِبلة، ويقولُ الذابحُ عندَ إضْجَاعِها: «بسمِ الله، واللهُ أكبر، اللهمَّ مِنكَ ولكَ، اللهمَّ تقبَّل مِن فلانٍ وآلِ بيتِه»، هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أصحابِه.

واللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، لا إله إلا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبر، وللهِ الحمد.

الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر. ]

الحمدُ لله، وسلامٌ على المُرسَلين، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فقد كان نَبيُّكم صلى الله عليه وسلم يَعظُ النساءَ في صلاةِ العيدِ بعدَ الرِّجال، ألَا فاتَّقِينَ اللهَ معاشِرَ النساء بحفظِ حُدودَه، والعملِ بأوامِره، واجتنابِ ما زَجرَ عنه، وقُمنَ بحقوق أزواجِكُنَّ وأبنائِكُنَّ وبناتِكُنَّ خيرَ قيام، واحذرنَ أنْ تَنجرِفْنَ إلى ما تَفعلُه بعضُ النساءِ اليومَ مِن الخروج مُتبرِّجاتٍ مُتجمِّلاتٍ مُتطيِّبات، قد كَشفنَ عن وجوهِهنَّ وشُعورِهنَّ ونُحورِهنَّ وسِيقانِهنَّ، ولبِسْنَ ألبسَةً ضيِّقةً تُجسِّد وتُفصِّل أعضاءَ البَدَن، فإنَّ ذلك مِن المُحرَّماتِ الكُبرى، والمُنكراتِ العُظمى، إذ صحَّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ))، وأكثِرنَ الصدقةَ، واحذَرْنَ اللَّعنَ للأهلِ أو الرِّفقةِ أو الأباعد، وابتعِدْنَ عن مُقابلةِ إحسانِ الأزواجِ لكنَّ بالجُحود والكُفران، فإنَّ اللعن وكُفرانَ الإحسانَ مِن أسبابِ كثْرةِ دخولِ النساءِ النَّار، حيث صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على النساء في مُصلَّى العيد فقال: (( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّار، فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ ))، والعَشير هو: الزوج.

أيُّها المسلمون:

إنَّ التهنئةَ بالعيد بطيِّبِ الكلامِ قد جَرى عليها عملُ الصحابةِ الكِرام، حيث ثبَت أنَّهم كانوا: (( إِذَا الْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ ))، واعلموا أنَّ السُّنَّةَ لِمَن خرجَ إلى مُصلَّى العيدِ مِن طريقٍ أنْ يَرجعَ مِن طريقٍ آخَر، لِمَا صحَّ أنَّ: (( النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ )).

هذا، وأسألُ اللهَ: أنْ يُعينَنا على الاستمرار على طاعته إلى الوفاة، وأنْ يَقيَنا شرَّ أنفسِنا، وشرَّ أعدائِنا، وشرَّ الشيطان، اللهمَّ ارفع الضُّرَ عن عبادِكَ المؤمنين، وأكرِمنا وجميعَ أهلينا برضوانِكَ والجنَّة، إنَّك سميعُ الدعاء، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.