إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > البدع > مقال بعنوان: ” طُرُقٌ عملية لتعليم الصِّغار التوحيد وتَرسِيخه في قلوبهم وأذهانهم “.

مقال بعنوان: ” طُرُقٌ عملية لتعليم الصِّغار التوحيد وتَرسِيخه في قلوبهم وأذهانهم “.

  • 27 أبريل 2017
  • 7٬068
  • إدارة الموقع

طُرُقٌ عملية لتعليم الصِّغار التوحيد وتَرسِيخه في قلوبهم وأذهانهم

 

الحمد لله المحمود على كل حال، والصلاة والسلام على النَّبي محمد عظيم الخصال، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ما تعاقبت الأيام والليال.

وبعد، أيها الآباء والأمَّهات ــ جمَّلكم الله بالاستمساك بالتَّوحِيد والسُّنَّة إلى الممات ــ:

لا ريب أنَّ المسؤولية الدِّينية المُلقاة على عواتقكم جهة أبنائكم وبناتكم الصِّغار ليست بالهيِّنة ولا بالسَّهلة بحيث يُفرَّط فيها، أو يُقَصَّر، أو يُتغافل عنها ويُتَساهل، فالله سبحانه ما خلقكم وخلقهم إلا لأجل أنْ تعبدوه في حياتكم الدنيا، ثّمَّ تُكرَمون على ذلك في الآخرة بالتَّنَعُم في جنَّته خالدين فيها أبدًا، وبأعظم نَعيم وأطيبه وألَذِّه.

وقيامكم بتعليمهم ما خُلقوا لأجله هو أجلُّ إحسانكم إليهم، وأكبره أجرًا، وأعلاه منزلة عند الله، فاحرصوا على ذلك شديدًا، رحمة بأنفسكم، وتقريبًا لها مِن الله، وإعظامًا لأجرها، وشَفقة وإحسانًا بأبنائكم وبناتكم.

فعلم التوحيد والعقيدة الصحيحة ــ التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمَّة الصالح مِن أهل القرون الثلاثة الأولى ــ هو:

أوجب العلوم وأعلاها، وهو صمَّام أمان الأُمَّة، وبه يُعرَف المستقيم مِن المُنحرف، وعليه تكون المولاة والمعاداة، وأهله الذين قاموا به علمًا وعملًا هُم مَن يستحق مِن الله  العزَّة والنَّصر والتمكين في الدنيا، وهُم أصحاب المنازل العالية، والدرجات الرَّفيعة في الدار الآخرة، وهم أفضل الخلق إلى الله، وأحبُّهم إليه، وأرفعهم منزلة عنده.

وتيسيرًا عليكم أحبَبت نفعكم بهذا الطُرُق التي تُعينكم على هذا السَّبيل مع أولادكم الصِّغار ذكورًا وإناثًا، وحتى ينشئوا على التوحيد والعقيدة الصَّحيحة صغارًا، ويَشيبوا عليها كِبارًا، وتُختَم لهم بها الحياة، وتكون زادًا لهم يوم العرْض والنُّشور، يوم يُبعثر ما في القبور، ويُحصَّل ما  في الصدور، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله، ثم إلى تَنَعُّمٍ في جنَّة عرضها السماوات والأرض، أو إلى نار تتلهَّب.

فأقول مستعينًا بالله ــ عزَّ وجلَّ ــ:

إنَّ تعليم الصِّغار ــ ذكورًا وإناثًا ــ التوحيد يكون بطُرق عِدَّة:

ومِن هذه الطرق (1):

أنْ لا يرى الصِّغار أو يسمعوا مِن آبائهم وأمهاتهم ومَن يسكنون معهم شيئًا مِن الشِّرك، لا مِن الأكبر، ولا مِن الأصغر، ولا مِن الأسباب المفضية إليهما.

فإذا عاشوا هذا الواقع، وفي مثل هذه البيئة، كانت مِن أكبر العون لهم ــ بعد توفيق الله ــ على الابتعاد عن الشرك، وأهله، ودعاته، وكتبه، وقنواته.

بل وإنكاره إذا سُمِع أو شُوهِد.

ومِن هذه الطرق (2):

أنْ يُحفَّظ الصغار متونًا تتعلَّق بالتوحيد، ومُعتقَد السَّلف الصالح أهل السُّنَّة والحديث، ككتاب “الأصول الثلاثة”،  و “القواعد الأربع”، و كتاب “التوحيد”، و “نواقض الإسلام”، للإمام محمد بن عبد الوهاب ــ رحمه الله ــ.

وكتاب “أصول السُّنَّة” للإمام أحمد بن حنبل ــ رحمه الله ــ.

وكتاب “عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة” للعلامة محمد بن صالح العثيمين ــ رحمه الله ــ.

وأمثال هذه الكتب التي صنَّفها أئمة أهل السُّنَّة والحديث الذين عُرفوا بالرسوخ في العلم، والجلالة في القدْر، ومُتابعة السِّلف الصالح مِن أهل القرون الأولى.

ومِن هذه الطرق (3):

أنْ يُعلِّم الآباء والأمهات صغارهم ما يتعلَّق بالتوحيد ومُعتقَد السِّلف الصالح أهل السُّنَّة والحديث مِن مسائل وأمور بالتَّدرج وباستمرار، ويسألونهم عنها عن طريق السؤال والجواب، حتى يحفظوها، وترسَخ في قلوبهم، وتظل في أذهانهم، ويَكُبروا ويَشُبُّوا ويموتوا عليها.

فمثلًا:

التَّوحيد هو: إفراد الله وحده بجميع العبادات.

بمعنى: أنك لا تُصلي ولا تصوم إلا لله، ولا تدعوا إلا الله، ولا تفعل أيَّ عبادة وتتقرَّب بها إلا إلى لله وحده.

والدَّليل على وجوب التوحيد هو قول الله تعالى:

{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }.

وقوله سبحانه:

{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا }.

فيأتي الأب أو الأمّ إلى هذا الصغير أو هذه الصغيرة وباستمرار ــ في البيت أو السَّيارة أو الطريق أو مكان النُّزْهة ــ فيسألان:

ما هو التوحيد؟ وما هو الدليل على وجوب التوحيد؟

ومثلًا:

الشِّرك هو: صَرْفُ العبادة أو شيءٍ منها لغير الله.

ومِن أمثلته:

دعاء غير الله تعالى.

كدعاء بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقول: “فرِّج عنَّا يا رسول الله”.

أو دعاء بعضهم الحسين بن علي بن أب طالب ــ رضي الله عنهما ــ، بقول: “اشفنا يا حسين”.

أو دعاء بعضهم أحمد البدوي، بقول: “مدد يا بدوي”.

أو دعاء بعضهم الجيلاني، بقول: “أغثنا يا جيلاني”.

والدَّليل على تحريم الشِّرك بالله في عبادته هو قول الله تعالى:

{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ }.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم الصَّحيح:

(( مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ )).

فيأتي الأب أو الأمّ إلى هذا الصغير أو هذه الصغيرة وباستمرار ــ في البيت أو السَّيارة أو الطريق أو مكان النُّزْهة ــ فيسألان:

ما هو الشِّرك؟ وما هو الدليل على تحريم الشِّرك؟ واذكر مثالًا أو مثالين على الشِّرك؟

ومثلًا:

الشرك ينقسم إلى قسمين:

الأول: الشِّرك الأكبر.

وهو: صرف العبادة أو شيء منها لغير الله.

ومن أمثلته:

دعاء غير الله تعالى.

كدعاء بعضهم فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم: “مدد يا زهراء” أو “فرِّجي عنّا يا بنت رسول الله”.

الثاني: الشِّرك الأصغر.

ومن أمثلته:

الحلِف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو الكعبة، أو الشرف، أو الأمانة، أو الذِّمة، أو أيِّ مخلوق.

كقول بعضهم: 

والنبيِّ، أو والكعبة، أو وشرَفِي، أو أمانة، أنّي لم أفعل هذا الأمر.

ودليل تحريم الحلِف بغير الله هو قول النبي صلى الله عليه وسلم الصَّحيح: (( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ )).

فيأتي الأب أو الأمَ إلى هذا الصغير أو هذه الصغيرة وباستمرار ــ في البيت أو السَّيارة أو الطريق أو مكان النُّزْهة ــ فيسألان:

إلى كم ينقسم الشِّرك؟ وما هي أقسام الشِّرك، واذكر مثالًا على الشِّرك الأكبر أو الأصغر، وما هو حكم الحلف بغير الله؟ وما هو دليل تحريم الحلِف بغير الله؟

ومثلًا:

التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: توحيد الربوبية.

وهو: الإيمان بأنَّ الله هو الخالق الرَّازق المُدبِّر لأمور خلقه، المُتصرِّف في شؤونهم في الدنيا والآخرة.

والثاني: توحيد الألوهية.

وهو: إفراد الله وحده بجميع العبادات فلا نصرفها إلا له.

والثالث: توحيد الأسماء والصِّفات.

وهو: إثبات جميع ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسول محمد صلى الله عليه وسلم مِن الأسماء الحسنى والصِّفات العُلى.

فيأتي الأب أو الأمَّ إلى هذا الصغير أو هذه الصغيرة وباستمرار ــ في البيت أو السَّيارة أو الطريق أو مكان النُّزْهة ــ فيسألان:

إلى كم ينقسم التوحيد؟ وما هي أقسام التوحيد؟ وما هو توحيد الربوبية؟ وما هو توحيد الألوهية؟ وما هو توحيد الأسماء والصِّفات؟

ومثلًا:

الله – جلَّ وعلا – في السماء مُسْتوٍ على العرش.

والدَّليل قول الله تعالى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }.

وقول الله سبحانه: { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ }.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم الصَّحيح: (( أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ )).

فيأتي الأب أو الأمّ إلى هذا الصغير أو هذه الصغيرة وباستمرار ــ في البيت أو السَّيارة أو الطريق أو مكان النُّزْهة ــ فيسألان:

أين الله؟ وما هو الدليل على أن الله في السماء مُستوٍ على العرش؟

وهكذا.

ومِن هذه الطرق (4):

أنْ يُجَنِّبَ الآباء والأمهات صغارهم السمَّاع، أو الحضور، أو القراءة، أو المشاهدة عَبْر الفضائيات واليوتيوب وبرامج التواصل، لِمَن عُرِف بأنَّه لا يَهتم بالتوحيد، أو يُهوَّن مِن شأنه، أو لا يُحذِّر الناس مِن الشِّرك ودعاته، أو يقع في شيء مِن الشِّركيات والبِدع، أو يُعَظِّم دعاة ومشايخ الصوفية، أو يُجِلُّ دعاة ورموز وأحزاب وفِرق أهل البدع والأهواء القديمة والمعاصرة.

لأنَّ الصِّغار سريعوا التأثر بما يسمعون، وبما يُشاهِدون، وبَمن يُخالطون ويُجالسون، وسريعوا الحفظ والالتقاط، وسريعوا التقليد لِما سمعوه وشاهدوه.

وهؤلاء القوم ــ أصلحهم الله وهداهم ــ ضررهم كبير على العباد والبلاد، لاسيَّما صغار السِّن، إذ يُفسدون عليهم فِطرهم، ويُلبِّسون عليهم توحيدهم وعقيدتهم، ويُعلِّقونهم بدعاة الشِّركيات والبِدع، بمدحهم لهم، والثناء عليهم، وتعظيمهم، والدفاع عنهم، فيعتقدون أنَّهم على حقٍّ وهُدى، وينجرفون بسببهم إلى الشِّركيات والبِدع، ويُفارِقون الاعتقاد الصحيح ــ وهو مُعتقَد السَّلف الصالح أهل السُّنَّة والحديث ــ إلى غيره مِن الباطل، وإلى فِرق وأحزاب وجماعات أهل البدع الضَّلال.

وفي بيان أثر مِثل هذا على الصغار يقول بعض أئمة السَّلف الصالح ــ رحمهم الله ــ:

(( إِذَا رَأَيْتَ اَلشَّابَّ أَوَّلَ مَا يَنْشَأُ مَعَ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَارْجُهُ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ مَعَ أَهْلِ اَلْبِدَعِ فَايئسْ مِنْهُ، فَإِنَّ اَلشَّابَّ عَلَى أَوَّلِ نُشُوئِهِ )).

وقال الإمام حمَّاد بن زيد ــ رحمه الله ــ:

(( قَالَ لِي يُونُس: يَا حَمَّادُ إِنِّي لَأَرَى اَلشَّابَّ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ مُنْكَرَةٍ فَلَا أُيَئِّسُ مِنْ خَيْرِهِ حَتَّى أَرَاهُ يُصَاحِبُ صَاحِب بِدْعَةٍ فَعِنْدَهَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ عَطِبَ )).

ومِن هذه الطرق (5):

أنْ يَربط الآباء والأمهات صغارهم بعلماء أهل السُّنَّة والحديث، الذين عُرفوا بالرسوخ في العلم، وصفاء المُعتقد، وحُسن الدِّيانة، ومُتابعة السَّلف الصالح أهل القرون الأولى، وأنهم فلانٌ، وفلان، وفلان، حتى تتعلَّق نُفوسهم بهؤلاء الأئمة، ويَشُبُّوا على محبَّتهم، وأخذِ العلم أو الفتوى عن طريقهم، وعَبْر كتبهم، أو أشرطتهم، أو مقاطع دروسهم وكلامهم في اليوتيوب وغيره مِن برامج التواصل.

ومِن أمثلة هؤلاء الأئمة مِن أهل زماننا:

عبد العزيز بن باز، وعبد الرحمن السِّعدي، ومحمد ناصر الدِّين الألباني، ومحمد بن صالح العثيمين، ومحمد أمان الجامي، وعبد الرزاق عفيفي، وحماد الأنصاري، وربيع المدخلي، وصالح الفوزان، وصالح اللحيدان، وزيد المدخلي، وأحمد النجمي، ومقبل الوادعي، وحافظ الحكمي.

ومِن طُرق ربطهم بهولاء العلماء وأمثالهم:

1 ــ شراء ما يُحتاج إليه مِن كتبهم وأشرطتهم، ووضعه في مكان معروف مِن البيت، حتى إذا أرادوا القراءة في البيت أو معرفة حكم مسألة رجعوا إليها، وإليهم.

2 ــ رجوع الوالدين وصغارهم إلى كتبهم وأشرطتهم إذا احتاجوا حكم مسألة، أو اختلفوا في مسألة، أو أرادوا تعريف أولادهم حكم شيء ليطمأنوا أو يتشجَّعوا.

3 ــ تشغيل الوالدين أشرطة هؤلاء العلماء في البيت أو في السَّيارة ليعتاد صغارهم عليها، ويتعرَّفوا عليهم، وأنهم هم الرَّاسخون في العلم، حتى لا يرجعوا إلا إليهم، فيَحفظ الله عليهم أمر دينهم وعقيدتهم بسبب ذلك.

4 ــ تخصيص الوالدين مع صغارهم بعض الوقت مِن اليوم أو الأسبوع أو الشهر للقراءة في كتبهم، ولو قلَّ الوقت أو قلَّت القراءة، وحتى ولو كان المقروء حُكمًا واحدًا، أو مسألة واحدة.

ومِن هذه الطرق (6):

أخْذ الوالدين صغارهم إلى دروس وخُطب ومحاضرات وكلمات أتباع السَّلف الصالح أهل السُّنَّة والحديث، الذين عُرفوا بصفاء العقيدة والمنهج، والحرص على اتِّباع الكتاب والسُّنَّة وما كان عليه السَّلف الصالح.

لأن هؤلاء يَكثُر في دروسهم وخُطبهم ومحاضراتهم الكلام على التوحيد والسُّنَّة، والتحذير مِن الشِّرك والبِدع، وبيان مُعتقّد السَّلف الصالح مِن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ ومَن بعدهم مِن أهل القرون الأولى، ويُبيِّنون الشِّركيات والبِدع وينقضونها بأدلة الشَّرع، ويُحذِّرون مِن دعاة أهل البِدع والأهواء، ومِن أفكارهم، وأحزابهم، وجماعاتهم، وفِرقهم، فينتفع بهم الصِّغار كثيرًا، لاسيَّما مع مُرور الأيام، وكَثرة التِّرداد.

وإنْ كان الصِّغار قد لا يُدركون بعض ما يُلقى إليهم فلا يضُرّ، ولا بأس، لأنهم سيعتادون على هؤلاء، وعلى محبَّتهم، وعلى الحضور لهم، بسبب مَن عوَّدَهم وذهب بهم إليهم، فينتفعون بهم وبما يقولون مع مرور الأيام، وتقدُّم السِّن، وتكرُّر المواضيع، وتَكرار الكلام.

وفي بيان أثر مثل هذا على الصِّغار يقول بعض أئمة السَّلف الصالح ــ رحمهم الله ــ:

(( مِنْ نِعْمَةِ اَللَّهِ عَلَى اَلشَّابِّ وَالْأَعْجَمِيِّ إِذَا تَنَسَّكَا أَنْ يُوَفَّقَا لِصَاحِبِ سُنَّةٍ يَحْمِلُهُمَا عَلَيْهَا، لِأَنَّ اَلشَّابَّ وَالْأَعْجَمِيَّ يَأْخُذُ فِيهِمَا مَا سَبَقَ إِلَيْهِمَا )).

ومِن هذه الطرق (7):

أنْ يُنكر الأب أو الأمّ أمام صغارهم ما يحصل مِن خطأ أثناء وجودهم في باب التوحيد و الشِّرك، ومُجمل الاعتقاد، وأمور البدع، ولو تكرَّر الخطأ، وعاد صاحبه إليه.

ويَحصل هذا الإنكار أو التَّبيين برِفق، وحُسن خطاب، وذِكر دليل الشَّرع إن احتيج، حتى يَحصل الفهم، ويَصلُح الحال، وتَطِيب النفوس ولا تنْفِر.

فمثلًا:

لو سُمِع مِن أحد القرابة أمرًا شركيًّا كقول: “مدد يا بدوي” أو “مدد يا أولياء الله”.

بُيِّنَ لهم حكم ذلك، وأنَّه مِن صرف عبادة الدعاء لغير الله، وأنَّه شِرك أكبر مُخرج عن ملَّة الإسلام.

ومثلًا:

لو سُمِع مِن أحد الصِّغار أو القرابة حلِفٌ بغير الله، كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو الكعبة، أو الأمانة، أو الذِّمة، أو الشرَّف، أو العيش والملح، وأشباه ذلك.

بُيِّنَ حكم ذلك، وأنَّه مِن الشرك الأصغر، وذُكِر الدليل إن احتيج.

ومثلًا:

لو حصل في المجلس الذي يحضره الصِّغار بعض البدع القولية أو الفعلية، بُيِّنَ لهم حكم ذلك، وأنه مُحرَّم، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحذِّر أمته مِن البِدع كثيرًا، وذُكِرَت لهم بعض الأحاديث النَّبوية في تحريم الابتداع في الدين والبِدع.

ومثلًا:

لو جاء وقت بِدعة مِن البِدع، كالاحتفال بالهجرة النَّبوية، أو يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم، أو ذِكرى الإسراء والمعراج، وأشباه ذلك، بُيِّنَ لهم حكم هذا الاحتفال، وأنه مُحرَّم، ومِن البِدع، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحذِّر أمته مِن البِدع كثيرًا، وذُكِرَت لهم بعض الأحاديث النَّبوية في تحريم البدع، وبُيِّن لهم أنَّ هذا الاحتفال لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه ــ رضي الله عنهم ــ، ولا باقي السلف الصالح مِن أهل القرون الثلاثة الأولى، وأنَّه لو كان خيرًا وجائزًا لسبقونا إليه.

ومثلًا:

لو قام أحد ينتسب إلى الإسلام بتفجير في مسجد أو كنيسة أو طريق أو سُوق ببلاد مسلمين، أو بلاد غير مسلمين، استغلَّ الأب أو الأمّ هذا الحدَث وبيَّنوا لصغارهم حُرمة هذا الفعل، وأنَّه في الإسلام مِن كبائر الذنوب وأعظمها، وأنّ فاعلها عاص لله ورسوله، حتى يبلغ الصِّغار ويِشُبُّوا ويَشيبوا على بغض هذه الأشياء، وبغض أهلها ودعاتها، لمخالفتها ومخالفتهم لِدين الله الإسلام، وينقلوا ذلك إلى مَن بعدهم مِن أجيال.

وفي الختام أقول:

هذه الطُّرق تُعين ــ بإذن الله تعالى ــ الوالد والوالدة على تعليم أبناءهم التوحيد، وترسيخه في أذهانهم، واستمساكهم به، ومحبَّتهم وتعظيمهم له، ولأهله، ودُعاته، حتى مماتهم.

 وهناك طرق أخرى، لكن هذا يكفي في هذا المقام، وهذا الوقت.

 تنبيه:

أصل هذا الكلام هو إجابة على سؤال وجِّه إليِّ في محاضرة، نصُّه:

[ أحسن الله إليكم شيخنا الفاضل كيف يكون تعليم الصغار التوحيد؟ ]

ثم نسَخه مِن التسجيل أحد المستمعين له، وأرسله إليَّ، فنظرته، وراجعته، وزدت عليه ما تيسِّر، فخرج على هذه الصورة.

وكتبه:

عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.