تذكير أهل السُّنة والاتِّباع بما جاء عن السَّلف الصالح في قيام التراويح بعشرين ركعة
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّا بعد، يَا طالب العلم وزيادة الفقه فيه ــ سدَّدك الله وسلَّمك ــ:
فهذا جزء فِقهِي حدِيثِي يَنفعك ولا يَضرُّك، ويُقوِّيك علمًا ولا يُضعِفك، وتَرْقَى بِه في جانب الاتَّباع، وتنطلق معه ببصيرة أكبر.
فيه ذِكر ما جاء عن السَّلف الصالح مِن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم في صلاة التراويح بعشرين ركعة.
وأسأل الله ــ جلَّ وعلا ــ أنْ يكون زيادة علم وفقه لكاتبه، وقارئه، وناشره، إنَّه سميع مُجيب.
وسوف يكون الكلام عن هذا الموضوع في خمس وقفات:
الوقفة الأولى:
عن الأثر الوارد في قيام الناس بعشرين ركعة في عهد الخليفة الراشد المَهدي عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ.
وسوف يكون الكلام عن هذا الأثر في صلاة التراويح بعشرين ركعة في ثلاثة فروع:
الفرع الأوَّل:
عن لفظه، وتخريجه، ودرجته.
1 ــ قال علي بن الجعْد ــ رحمه الله ــ في “مُسنده” ( 2825)، ومِن طريقه البيهقي في “سُننه” (2/ 496):
أنا ابن أبي ذئب، عن يزيد بن خُصيفة، عن السَّائب بن يزيد، قال:
(( كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً، وَإِنْ كَانُوا لَيَقْرَءُونَ بِالْمِئِينَ مِنَ الْقُرْآنِ )).
وهذا إسناد صحيح، جميع رجاله ثقات، سمع بعضهم مِن بعض.
2 ــ وأخرجه الفريابي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الصيام” (176) فقال:
حدثنا تميم بن المُنتصر، أخبرنا يزيد بن هارون، حدثنا ابن أبي ذئب، عن خُصيفة، عن السَّائب بن يزيد، قال:
(( كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَكِنْ كَانُوا يَقْرَءُونَ بِالْمِائَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ حَتَّى كَانُوا يَتَوَكَّئُونَ عَلَى عِصِيِّهِمْ مِنْ شِدَّةِ الْقِيَامِ )).
وإسناده صحيح كسابقه.
الفرع الثاني:
عن أسماء ونصوص أهل العلم الذين صحَّحوا إسناده أو أشاروا إلى ثبوته، أو تقديمه على غيره مِمَّا ورَد عن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ.
ودونكم ــ سلَّمكم الله ــ مَن وقفت على كلامه مِن أهل العلم حول أثر العشرين ركعة مع نصِّ كلامه، وموضعه:
1 ــ قال أبو زكريا النَّووي ــ رحمه الله ــ في كتابه “خلاصة الأحكام” (1/ 576 ــ رقم:1961):
«رواه البيهقي بإسناد صحيح».اهـ
2 ــ وقال ابن تيمية الحرَّاني ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع الفتاوى” (23/ 112):
«قد ثبت أنَّ أُبَيَّ بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة في قيام رمضان، ويُوتر بثلاث».اهـ
3 ــ وقال أبو زُرعة العراقي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتاب “طرح التثريب في شرح التقريب” (3/ 97):
«وفي “سُنن” البيهقي بإسناد صحيح عن السَّائب بن يزيد – رضي الله عنه – قال: …».اهـ
4 ــ وقال بدر الدِّين العَيني الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “عمدة القاري” (11/ 272 و 5/ 267 و 7/ 178):
«رواه البيهقي بإسناد صحيح».اهـ
5 ــ وقال سِراج الدِّين ابن الملقِّن الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “البدر المنير” (4/ 350):
«رَوى البيهقي بإسناد صحيح عن عمر…».اهـ
6 ــ وقال جلال الدِّين السيوطي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المصابيح في صلاة التراويح” (1/ 539 ــ مِن كتابه “الحاوي”):
«وفي “سُنن البيهقي” وغيره بإسناد صحيح عن السَّائب بن يزيد …».اهـ
7 ــ وقال تَقّيُّ الدِّين السُّبكي الشافعي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “المصابيح في صلاة التراويح” (1/539 – مِن كتاب “الحاوي” للسيوطي):
«ومذهبنا: أنَّ التراويح عشرون ركعة، لِمَا رَوى البيهقي وغيره بالإسناد الصحيح عن السَّائب بن يزيد الصحابي …».اهـ
8 و 9 ــ وجاء في كتاب “تصحيح حديث صلاة التراويح عشرين ركعة” للشيخ إسماعيل الأنصاري ــ رحمه الله ــ (ص:7):
«هذا حديث صحَّحه:
علي القاري في “شرح الموطأ”، والنِّيمَوي في “آثار السُّنن”، وغيرهم».اهـ
ــــ وقال المُلَّا علي قاري الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح” (3/ 972):
«نعم، ثبت العشرون مِن زمن عمر، ففي “الموطأ”، عن يزيد بن رومان، قال: (( كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً )).
ورَوى البيهقي في “المعرفة”، عن السَّائب بن يزيد، قال: (( كُنَّا نَقُومُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرِ )).
قال النَّووي في “الخلاصة”: إسناده صحيح».اهـ
10 ــ وقال عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع فتاويه” (11/ 322):
«فقد ثبَت عن عمر هذا، وهذا، ثبَت عنه ــ رضي الله عنه ــ أنَّه أمَر مَن عيَّن مِن الصحابة أنْ يُصلِّي إحدى عشرة، وثبَت عنهم أنَّهم صلوا بأمْره ثلاثًا وعشرين، وهذا يدُلّ على التوسعة في ذلك».اهـ
ــــ وقال أيضًا كما في “فتاوى نور على الدَّرب” (9/ 439):
«وثبت عن عمر ــ رضي الله عنه ــ والصحابة أنَّهم فعلوا ذلك، صلوا إحدى عشرة، وصلوا ثلاثًا وعشرين، ثبت هذا وهذا عن عمر ــ رضي الله عنه ــ.
فالذي أنْكَر ثبوته عن عمر قد غلِط، بل هو ثابت عن عمر، أنَّه صلَّى ثلاثًا وعشرين، وفي بعض الليالي صلَّى إحدى عشرة، فالأمر واسع والحمد لله».اهـ
11 ــ وثبَّته الشيخ إسماعيل الأنصاري ــ رحمه الله ــ في رسالة له بعنوان: “تصحيح حديث صلاة التراويح عشرين ركعة”.
12 ــ وقال محمد أنور شاه الكشميري الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “العَرف الشَّذي شرح سُنن الترمذي” (2/ 207-208 – رقم:806):
«ثم مأخوذ الأئمة الأربعة مِن عشرين ركعة هو:
عمل الفاروق الأعظم،…، وأمَّا فِعل الفاروق فقد تلقَّاه الأمَّة بالقبول …، ولِيُعلم أنَّ التراويح في عهد عمر تُروى بخمس صفات، أربعة منها ثابتة بالأسانيد القوية، منها: أنَّه صلَّى إحدى عشرة ركعة، ومنها: أنَّه صلَّى ثلاث عشرة ركعة، ومنها: إحدى وعشرين ركعة، ومنها: ثلاث وعشرون ركعة».اهـ
ــــ وقال أيضًا في كتابه “فيض الباري شرح البخاري” (4/ 23):
«نعم، اتفقوا على ثُبوتها عشرين ركعة عن ــ رضي الله عنه ــ».اهـ
13 ــ وقال عبد الله الدويش النَّجدي ــ رحمه الله ــ في كتابه “تنبيه القارئ على تقوية ما ضعَّفه الألباني” (ص:43):
«ومنها: ما رواه البيهقي في “السُّنن الكبرى” (3/ 496) حيث قال: “….”.
وهذا إسناد رجاله ثقات.
أمَّا الحسين بن محمد فقد ذَكره الذهبي في “تذكرة الحفاظ” في ترجمة: تمَّام الحافظ (3/ 1057)، وقال ابن العِماد في “شذرات الذهب” (3/ 300): “كان ثقة مصنِّفًا”، وأمَّا ابن السُّني فهو صاحب كتاب “اليوم والليلة” إمام مشهور، والبغوي قال عنه الدارقطني: هو ثقة، وبقية رواته رواة الصحيح».اهـ
14 ــ وقال أحمد بن يحيى النَّجمي ــ رحمه الله ــ في كتابه “تأسيس الأحكام” (2/ 227):
«إذْ أنَّ الأمر بالعشرين قد ثبَت بنقل العدل عن العدل، المؤيَّد بالعمل المُستمر على ذلك، الذي تؤكِّده الآثار المُستفيضة التي تدُلّ أنَّ السَّلف قد فهموا أنَّ النَّفل المُطلَق لا تحديد فيه، بل يُترك لكل إنسان فيه طاقته وجهده».اهـ
15 ــ وقال ابن عبد البَرِّ النَّمري المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الاستذكار” (5/ 155-156 و 157):
«وقد رَوى مالك، عن يزيد بن رُومَان، قال: (( كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ــ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ــ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً )).
وهذا كله يَشهد بأنَّ الرِّواية بإحدى عشرة ركعة وهْمٌ وغلَط، وأنَّ الصَّحيح ثلاث وعشرون، وإحدى وعشرون ركعة…، وهو الصَّحيح عن أُبَيّ بن كعب، مِن غير خلاف مِن الصحابة».اهـ
تنبيه:
سمعت غير واحد مِن أهل العلم المُعاصرين يقولون بأنَّهم لم يَقِفوا على نصٍّ عن أحد مِن الأئمة الماضين قد ضعَّف فيه حديث العشرين ركعة.
الفرع الثالث:
عن الشواهد التي تُقوِّي أثر العشرين ركعة، وتُؤكِّد ما جاء فيه، وتَدُلّ على شُهرته عند السَّلف الصالح، وعملهم بِه.
قد وقفت لهذا الأثر عن الخليفة الراشد المَهدي عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ على ثلاثة شواهد مُرسَلة صحيحة إلى أصحابها مِن التابعين.
وهذه الشواهد تدُلّ على شُهرة الصلاة بهذا العدد في زمن التابعين، وتُقوِّي مِن ثبوته عن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ.
ولا يزال أئمة الحديث والفقه يَستدلون بها على تقوية العشرين ركعة.
فدونَكم ـ سدَّدكم الله ــ هذه الآثار:
أوَّلًا ــ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7682):
حدثنا وكيع، عن مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد:
(( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
وإسناده صحيح إلى التابعي الثقة يحيى بن سعيد الأنصاري ــ رحمه الله ــ.
ثانيًا ــ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7684):
حدثنا حُميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن عبد العزيز بن رفُيع، قال:
(( كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِالْمَدِينَةِ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ )).
وإسناده صحيح إلى التابعي الثقة عبد العزيز بن رُفيع ــ رحمه الله ــ.
ثالثًا ــ جاء في “موطأ الإمام مالك” ــ رحمه الله ــ (ص: 102 – رقم:244 أو 380 برواية يحيى الليثي):
وحدثني مالك، عن يزيد بن رُومَان، أنَّه قال:
(( كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً )).
ــــ ومِن طريق مالك أيضًا أخرجه الفِريابي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الصيام” (179 و 180).
وإسناده صحيح إلى التابعي الثقة يزيد بن رُومَان ــ رحمه الله ــ.
وقال أحمد بن يحيى النَّجمي ــ رحمه الله ــ في كتابه “تأسيس الأحكام” (2/ 287)، عقبه:
«وسنده صحيح».اهـ
وقال أيضًا (2/ 288):
«القُدماء كان الإرسال في غير الحديث النَّبوي عندهم كثير، لأنَّهم كانوا يَقصدون بِه حكاية الفِعل لا الرواية، فيُروَى كذلك».اهـ
الوقفة الثانية:
عن الآثار الواردة عن السَّلف الصالح في القيام بعشرين ركعة.
ودونَكم ــ سدَّدكم الله ــ ما وقفت عليه مِن هذه الآثار:
أوَّلًا ــ قال ابن أبي الدُّنيا ــ رحمه الله ــ في كتابه “فضائل رمضان” (ص:79 ــ رقم:49):
حدثنا شُجاع بن مَخلد، قال: ثنا هُشيم، قال: أنبا عبد الملك، عن عطاء بن أبي رباح، قال:
(( كَانُوا يُصَلُّونَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَالْوِتْرَ ثَلَاثًا )).
وإسناده صحيح.
ــــ وقال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” ( 7688):
حدثنا ابن نُمير، عن عبد الملك، عن عطاء، قال:
(( أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّونَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ )).
وإسناده صحيح.
وعطاء بن أبي رباح التابعي ــ رحمه الله ــ قد أدرَك جمعًا كثيرًا مِن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ، وهو هُنا يَحكي ما شاهده وأدركه في الزَّمن الذي عاش فيه.
وقال عبد الله الدويش النَّجدي ــ رحمه الله ــ في كتابه “تنبيه القارئ على تقوية ما ضعَّفه الألباني” (ص:43)، عقب أثر عطاء:
«وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وعطاء بن أبي رباح قد أدرَك خلقًا كثيرًا مِن الصحابة.
وقد صحَّحه: النَّووي في “المجموع” (4/ 32)، وابن العراقي في “طرح التثريب” (3/ 97)».اهـ
ثانيًا ــ قال ابن أبي الدُّنيا ــ رحمه الله ــ في كتابه “فضائل رمضان” (ص80 ــ رقم:50):
حدثنا شُجاع،، ثنا هُشيم، أنبا يونس، قال:
(( شَهِدْتُ النَّاسَ قَبْلَ وَقْعَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ وَهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَمَرْوَانُ الْعَبْدِيُّ، فَكَانُوا يُصَلُّونَ بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَا يَقْنُتُونَ إِلَّا فِي النِّصْفِ الثَّانِي، وَكَانُوا يَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ )).
وإسناده صحيح.
ويونس هو ابن عُبيد ــ رحمه الله ــ.
تنبيه:
جاء الإسناد في كتاب ابن أبي الدُّنيا، هكذا: «عبد الرحمن بن أبي بكر».
وصوابه: «عبد الرحمن بن أبي بَكرة».
ثم وجدته ــ كما ذَكرْت ــ في “تاريخ دمشق” (36/ 13)، مِن طريق سُريج بن يونس، نا هشيم، أنا يونس بن عُبيد، قال:
(( شَهِدْتُ وَقْعَةَ ابْنِ الْأَشْعَثِ وَهُمْ يُصَلُّونَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَعِمْرَانَ الْعَبْدِيُّ، فَكَانُوا يُصَلُّونَ بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَا يَقْنُتُونَ إِلَّا فِي النِّصْفِ الثَّانِي، وَكَانُوا يَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ )).
وجاء في المَتن الأوَّل: «مروان العَبْدي».
وفي الثاني: «عِمران العَبْدي».
ثالثًا ــ قال البيهقي ــ رحمه الله ــ في “السُّنن الكبرى” (2/ 496 ــ رقم: 4803):
وأنبأ أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنبأ أبو عبد الله بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الوهاب، أنبأ جعفر بن عون، أنبأ أبو الخَصيب، قال:
(( كَانَ يَؤُمُّنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ فِي رَمَضَانَ فَيُصَلِّي خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
وقال أحمد بن يحيى النَّجمي ــ رحمه الله ــ في كتابه “تأسيس الأحكام” (2/ 287):
«وسنده صحيح».اهـ
ــــ وقال البخاري ــ رحمه الله ــ في كتابه “التاريخ الكبير” (9/ 28 ــ ترجمة:234):
أبو الخَصيب، قال: يحيى بن موسى، قال: نا جعفر بن عون، سمع أبا الخَصيب الجُعفِي:
(( كَانَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ يَؤُمُّنَا فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
رابعًا ــ قال ابن أبي الدُّنيا ــ رحمه الله ــ في كتابه “فضائل رمضان” (ص:83 ــ رقم:53):
حدثنا شُجاع بن مَخلد، قال: ثنا هُشيم، قال منصور: أنبا الحسن، قال:
(( كَانُوا يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، فَإِذَا كَانَتِ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ زَادَ تَرْوِيحَةَ شَفْعَيْنِ )).
وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنَّه يُخشى مِن تدليس هُشيم حيث قال: “قال منصور”، ولم يُصرِّح بسماعه له منه.
وقد أكون أخطأت في هذه الخشية.
خامسًا ــ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7680):
ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن قيس، عن شُتير بن شَكَل:
(( أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَالْوِتْرَ )).
وفي إسناده عبد الله بن قيس، فإنْ كان الذي تفرَّد أبو إسحاق بالرِّواية عنه فهو مجهول، وإنْ كان غيره فلم أعرفه.
وشُتير بن شَكَل ــ رحمه الله ــ قد أدْرَك جمعًا مِن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ.
منهم: علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأمّ المؤمنين حفصة ــ رضي الله عنهم ــ.
وكان مِن أصحاب عبد الله بن مسعود ــ رضي الله عنه ــ.
ــــ وقال البيهقي ــ رحمه الله ــ في “السُّنن الكبرى” (2/ 496 ــ رقم: 4803-4805)
«ورُوِّينا عن شُتير بن شَكَل وكان مِن أصحاب عليٍّ ــ رضي الله عنه ــ:
(( أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً، وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ )).
وفي ذلك قوة، لِمَا:
أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد، أنبأ محمد بن أحمد بن عيسى بن عبْدك الرازي، ثنا أبو عامر عمرو بن تميم، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا حمَّاد بن شعيب، عن عطاء بن السَّائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن عليٍّ ــ رضي الله عنه ــ، قال:
(( دَعَا الْقُرَّاءَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
قَالَ: (( وَكَانَ عَلِيٌّ ــ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ــ يُوتِرُ بِهِمْ )).
وَرُوِيَ ذلك مِن وجْه آخَر عن عليٍّ.
وأمَّا التراويح ففيما:
أنبأ أبو عبد الله بن فَنْجويه الدِّينوري، ثنا أحمد بن محمد بن إسحاق بن عيسى السُّنِّي، أنبأ أحمد بن عبد الله البزَّاز، ثنا سَعدان بن يزيد، ثنا الحَكم بن مروان السُّلَمي، أنبأ أبو الحسن بن علي بن صالح، عن أبي سعد البَقَّال، عن أبي الحَسْناء:
(( أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
وفي هذا الإسناد ضعف».اهـ
وقال ابن التُّركماني الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الجوهر النقي” (2/ 495-496 ــ بحاشية “سُنن البيهقي الكبرى”):
«ثم قال: “وفي الإسناد ضعف”.
قلت: الأظهر أنَّ ضعفه مِن جهة أبي سعد، سعيد المرزبان البَقَّال، فإنَّه مُتكلَّم فيه، فإنْ كان كذلك فقد تابعه عليه غيره».اهـ
ثم ذَكر ــ رحمه الله ــ:
ــــ ما أخرجه ابن أبي شيبة في “مصنَّفه” ( 7681):
حدثنا وكيع، عن حسن بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن ابن أبي الحَسْناء:
(( أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
قلت:
كذا عنده: “ابن أبي الحَسْناء”.
ــــ وقال الآجُرِّي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الشريعة” (1240 أو 1301):
وحدثنا ابن مَخلد، قال: حدثنا عبيد اللّه بن جَرير بن جَبَلة العَتَكِي، قال: حدثنا الحَكم ــ يعني ابن مروان ــ، قال: حدثنا الحسن بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن أبي الحَسْناء:
(( أَنَّ عَلِيًّا ــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ــ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ، عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
ــــ وقال ابن بَطَّة ــ رحمه الله ــ في كتابه “الإبانة الكبرى” (82):
حدثنا ابن مَخلد، قال: حدثنا عبيد الله بن جُرير بن جَبَلة العَتَكِي، قال: حدثنا الحَكم ــ يعني: ابن مروان ــ، قال: حدثنا الحسن بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن أبي الحَسْناء، بِه.
وفي كتاب “تُحفة الأحوذي شرح سُنن الترمذي” (3/ 444):
«قال النّيمَوِيُّ في “تعليق آثارِ السُّنَنِ”:
مدار هذا الأثر على أبي الحَسْناء، وهو لا يُعرف».اهـ
ولكن قد قال الإمام إسحاق بن راهويه ــ رحمه الله ــ كما في “مسائل إسحاق الكوسج” (492):
«وأمَّا أهل العراق، فلم يزالوا مِن لَدُن عليٍّ ــ رضي الله عنه ــ إلى زماننا هذا على خمس ترويحات».اهـ
قلت:
والخمس ترويحات: عشرون ركعة، لأنَّ كل ترويحة أربع ركعات.
وقد قال بدر الدِّين العَيني الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “عُمدة القاري” (11/ 124):
«ويُقال: التَّرويِحة اسم لكل أربع ركعات».اهـ
وقال أيضًا:
«وسُمِّيت بالتَّرويِحة: لاستراحة الناس بعد أربع ركعات بالجلسة».اهـ
سادسًا ــ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7683):
حدثنا وكيع، عن نافع بن عمر، قال:
(( كَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يُصَلِّي بِنَا فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَيَقْرَأُ: بِحَمْدِ الْمَلَائِكَةِ فِي رَكْعَةٍ )).
وإسناده صحيح.
وعبد الله بن أبي مُليكة ــ رحمه الله ــ قد ولِد في خلافة عليِّ بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ أو قبلها، وأدرَك جمعًا كثيرًا مِن الصحابة، وولِي القضاء والأذان لعبد الله بن الزبير ــ رضي الله عنه ــ.
سابعًا ــ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7686):
حدثنا غُنْدَر، عن شُعبة، عن خَلَف، عن ربيع ــ وأثنى عليه خيرًا ــ، عن أبي البَخْتَري:
(( أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ فِي رَمَضَانَ، وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ )).
وإسناده حسن.
قلت:
والخمس ترويحات: عشرون ركعة، لأنَّ كل ترويحة أربع ركعات.
ثامنًا ــ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7690):
حدثنا الفضل بن دُكين، عن سعيد بن عُبيد:
(( أَنَّ عَلِيَّ بْنَ رَبِيعَةَ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ، وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ )).
وإسناده صحيح.
تاسعًا ــ قال عبد الرزاق ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7749):
عن الثوري، عن إسماعيل بن عبد الملك، قال:
(( كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكَانَ يَقْرَأُ بِالْقَرَاءَتَيْنِ جَمِيعًا، يَقْرَأُ لَيْلَةً بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَكَانَ يُصَلِّي خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ، فَإِذَا كَانَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ صَلَّى سِتَّ تَرْوِيحَاتٍ )).
وفي إسناده إسماعيل بن عبد الملك بن أَبي الصغير الأسَدي، أبو عبد الملك المكي.
قال عنه ابن معين: «صالح».، وقال مرَّة: «ليس بَه بأس»، وقال النسائي وابن معين في رواية: «ليس بالقوي»، وقال البخاري: «يُكتب حديثه»، وقال أبو حاتم: «ليس بقوي في الحديث، وليس حدّه التَّرْك»، وقال ابن عَدي: «حدَّث عنه الثوري وجماعة مِن الأئمة، وهو ممَّن يُكتب حديثه».
قلت:
وهو هنا يَروي أمْرًا شهده، وصلَّاه خلف التابعي سعيد بن جُبير ــ رحمه الله ــ، ومثل هذا يَقِلُّ الخطأ فيه، كما قال الشيخ الألباني ــ رحمه الله ــ.
وقد جاءت عن سعيد بن جُيبر ــ رحمه الله ــ:
الزيادة على عشرين ركعة.
1 ــ فقال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7691):
حدثنا محمد بن فضيل، عن وِقَاء، قال:
(( كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا فِي رَمَضَانَ، فَيُصَلِّي بِنَا عِشْرِينَ لَيْلَةً سِتَّ تَرْوِيحَاتٍ، فَإِذَا كَانَ الْعَشْرُ الْآخَرُ اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى بِنَا سَبْعَ تَرْوِيحَاتٍ )).
ووِقَاء هو بن إياس، وفيه ضَعف يسير.
2 ــ وقال ابن سعد ــ رحمه الله ــ في كتابه “الطبقات الكُبرى” (6/ 271):
أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا أبو شهاب قال:
(( كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي بِنَا الْعَتَمَةَ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَمْكُثُ هُنَيْهَةً، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي بِنَا سِتَّ تَرْوِيحَاتٍ، ويوتر بثلاث، ويقنت بقدر خمسين آية )).
وإسناده حسن.
وأبو شهاب هو: موسى بن نافع.
ولا تعارض في العدد المنقول عن التابعي سعيد بن جُبير ــ رحمه الله ــ، لأنَّ الأمر واسع.
إذ لا حدَّ لصلاة الليل بالنَّص النَّبوي، وآثار الصحابة، والإجماع.
عاشرًا ــ قال أبو يوسف ــ رحمه الله ــ في كتابه “الآثار” (211):
عن أبي حنيفة، عن حمَّاد، عن إبراهيم:
(( أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُصَلُّونَ خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ فِي رَمَضَانَ )).
وإبراهيم هو ابن يزيد النَّخعي ــ رحمه الله ــ مِن أجلَّاء التابعين.
وفي أبي حنيفة ــ رحمه الله ــ ضعف.
وقال موفَّق الدِّين ابن قدامة الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُغني” (2/ 604)، بعد أنْ ذَكر بعض هذه الآثار الواردة عن السَّلف الصالح في العشرين ركعة:
«وهذا كالإجماع».اهـ
وقال أيضًا:
«ثم لو ثبَت أنَّ أهل المدينة كلهم فعلوه لكان ما فعله عمر، وأجمَع عليه الصحابة في عصره أولَى بالإتِّباع».اهـ
وقال علاء الدِّين الكاساني الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع” (1/ 288):
«لِمَا رُوي أنَّ عمر ــ رضي الله عنه ــ جمَع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على أُبَيِّ بن كعب، فصلَّى بِهم في كل ليلة عشرين ركعة، ولم يُنكِر عليه أحد.
فيكون إجماعًا مِنهم على ذلك».اهـ
وقال ابن عبد البَرِّ المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الاستذكار” (5/ 157)، عن رواية العشرين:
«وهو الصَّحيح عن أُبَيِّ بن كعب، مِن غير خلاف مِن الصحابة».اهـ
وقال مُلَّا علي قاري الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح” (3/ 974):
«لكن أجمَع الصحابة على أنَّ التراويح عشرون ركعة».اهـ
الوقفة الثالثة:
عن توجيه وإجابة أهل العلم والفقه عن الوارد عن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ مِن الأمر بصلاة التراويح إحدى عشرة ركعة.
أوَّلًا ــ أخرج مالك في كتابه “الموطأ” (379 أو 280)، ومِن طريقه الفِريابي في كتابه “الصيام” ( 174)، والنسائي في كتابه “السُّنن الكبرى” ( 4670) ــ رحمهم الله ــ:
عن يوسف بن محمد، عن السَّائب بن يزيد ــ رضي الله عنه ــ، أنَّه قال:
(( أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّيْرِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً.
قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلاَّ فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ )).
وقد صحَّح أو ثبَّت إسناده:
1 ــ تَقِيّ الدِّين السُّبكي الشافعي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “المصابيح في صلاة التراويح” (1/ 538 – مع كتاب “الحاوي” للسيوطي).
2 ــ مُلَّا علي قاري الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “مرقاة المفاتيح” (3/ 971 ــ رقم: 1302).
3 ــ أبو العُلا المُبارَكفوري ــ رحمه الله ــ في كتابه “تُحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي” (3/ 445).
4 ــ عُبيد الله المباركفوري ــ رحمه الله ــ في كتابه “مرعاة المفاتيح” (4/ 333).
5 ــ شرَف الحق العظيم آبادي ــ رحمه الله ــ في كتابه “عون المعبود” (3/ 159).
6 ــ محمد ناصر الدِّين الألباني ــ رحمه الله ــ في كتابه “صلاة التراويح” (ص:45).
7 ــ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع فتاويه” (11/ 322).
ثانيًا ــ أخرج سعيد بن منصور ــ رحمه الله ــ في “سُننه” كما في كتاب “المصابيح مِن صلاة التراويح” (2/ 541 ــ مع “الحاوي”) فقال:
حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثني محمد بن يوسف، سمعت السَّائب بن يزيد، يقول:
(( كُنَّا نَقُومُ فِي زَمَانِ عُمَر بنِ الخَطَّابِ بِإحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَة … )).
ثالثًا ــ جاء في “مصنَّف ابن أبي شيبة” ( 7671):
«حدثنا أبو محمد عبد الله بن يونس، قال: ثنا بَقِيُّ بن مَخلد ــ رحمه الله ــ، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن يوسف، أنَّ السَّائب أخبَره:
(( أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيٍّ وَتَمِيمٍ فَكَانَا يُصَلِّيَانِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقْرَآنِ بِالْمِئِينَ )) ــ يعني: في رمضان».اهـ
رابعًا ــ جاء في “جزء حديث إسماعيل بن جعفر” (437):
حدثنا علي، ثنا إسماعيل، حدثنا محمد بن يوسف بن عبد الله بن يزيد الكِندي، عن السَّائب بن يزيد:
(( أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يَقْرَءُونَ فِي الرَّكْعَةِ بِالْمِائَتَيْنِ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَعْتَمِدُونَ بِالْعِصِيِّ )).
قلت:
ــــ رواية الإمام مالك ــ رحمه الله ــ فيها:
الأمْر مِن عمر ــ رضي الله عنه ــ بإحدى عشرة ركعة.
ورواية عبد العزيز بن محمد، ويحيى بن سعيد القطان ــ رحمهما الله ــ:
ليس فيها أمْر.
ــــ وقد تُوبع الإمام مالك ــ رحمه الله ــ على الإحدى عشرة ركعة مِن قِبَل:
عبد العزيز بن محمد، ويحيى بن سعيد القطان، وإسماعيل بن جعفر.
وقد وجدت لأهل العلم ــ رحمهم الله ــ في التعامل مع رواية الإحدى عشرة طريقين:
الطريق الأوَّل:
تقديم رواية العشرين ركعة على رواية الإحدى عشرة ركعة.
وقُدِّمَت لأمور ثلاثة:
الأمر الأوَّل:
أنَّ رواية الإحدى عشرة ركعة قد حصل فيها اختلاف أو اضطراب.
والأظهر:
أنَّ هذا الاضطراب أو الاختلاف مِن قِبَل محمد بن يوسف ــ رحمه الله ــ.
حيث اختلَف الرُّواة عنه في اللفظ.
1 ــ فرواه عنه أربعة، وهُم:
مالك في “الموطأ” ( 379 )، وإسماعيل بن جعفر في “جزء في أحاديثه” (440)، ويحيى بن سعيد القطان عند ابن أبي شيبة في “مصنَّفه” (7671)، وعبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، ــ رحمهم الله ــ، بلفظ:
(( إحدى عشرة ركعة )).
2 ــ ورواه عنه:
داود بن قيس، وغيره، بلفظ:
(( إحدى وعشرين ركعة )).
حيث قال عبد الرزاق ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7730):
عن داود بن قيس، وغيره، عن محمد بن يوسف، عن السَّائب بن يزيد:
(( أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى إِحْدَى وَعِشْرِينَ رَكْعَةُ، يَقْرَءُونَ بِالْمِئِينَ، وَيَنْصَرِفُونَ عِنْدَ فُرُوعِ الْفَجْرِ )).
وقال أحمد بن يحيى النَّجمي ــ رحمه الله ــ في كتابه “تأسيس الأحكام” (2/ 281):
«وإذا كان مالك مُجمَع على توثيقه، مُحتجٌّ بِه في “الصحيحين”، فإنَّ:
داود بن قيس مُجمَع على توثيقه، مُحتجٌّ بِه في “الصحيحين”، وقد أثنى عليه أئمة هذا الشأن ووثقوه».اهـ
وقال أيضًا (2/ 282):
«فإنَّ داود بن قيس لم يَتفرَّد بها عن محمد بن يوسف.
والدلالة على ذلك:
قول عبد الرزاق ــ رحمه الله ــ في هذا السند: “عن داود بن قيس، وغيره”.
وكأنَّه لم يَذكر أسماء الذين شاركوا داود بن قيس للاختصار، واكتفى بعدالة داود بن قيس لشهرتها».اهـ
3 ــ ورواه عنه:
محمد بن إسحاق بلفظ: (( ثلاث عشرة ركعة )).
حيث قال ابن حجر العسقلاني الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “فتح الباري شرح صحيح البخاري” (4/ 454):
«ورواه محمد بن نَصر المَروزي، مِن طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن يوسف، فقال:
(( ثلاث عشرة ))».اهـ
وقال أيضًا:
«وأخرَج مِن طريق محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن يوسف، عن جده السَّائب بن يزيد، قال:
(( كنُّا نُصلِّي زمَن عمر في رمضَان ثلاث عشرة )).
قال ابن إسحاق:
وهذا أثبت ما سمعت في ذلك، وهو موافق لحديث عائشة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مِن الليل».اهـ
وجاء في كتاب “مختصر قيام رمضان” (ص:42 – اختصار المقريزي):
«قال ابن إسحاق ــ رحمه الله ــ:
وما سمعت في ذلك حديثًا هو أثبت عندي، ولا أحْرى مِن حديث السَّائب، وذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له مِن الليل ثلاث عشرة ركعة».اهـ
قلت:
ولعلَّه لأجل هذا الاختلاف، قال ابن عبد البَرِّ المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الاستذكار” (5/ 156):
«وهذا كله يَشهد بأنَّ الرواية بإحدى عشرة ركعة وهْمٌ وغلَط، وأنَّ الصَّحيح ثلاث وعشرون، وإحدى وعشرون ركعة».اهـ
وقال أيضًا (5/ 154):
«إلا أنَّ الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوَهْم، والله أعلم».اهـ
وقال أيضًا (5/ 157) عن رواية العشرين:
«وهو الصَّحيح عن أُبَيِّ بن كعب، مِن غير خلاف مِن الصحابة».اهـ
الأمر الثاني:
أنَّ رواية العشرين ركعة قد أيدَّتها وقوتها روايات عديدة عن عمر ــ رضي الله عنه ــ، بخلاف رواية الإحدى عشرة.
ومِن هذه الروايات:
أولًا ــ ما أخرجه ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7682)، فقال:
حدثنا وكيع، عن مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد:
(( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
وإسناده صحيح إلى التابعي الثقة يحيى بن سعيد الأنصاري ــ رحمه الله ــ.
ثانيًا ــ ما أخرجه مالك ــ رحمه الله ــ في “الموطأ “(ص102 ــ رقم:244 أو 380):
عن يزيد بن رُومَان، أنَّه قال:
(( كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ، بِثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً )).
ومِن طريق مالك أخرجه الفِريابي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الصيام” (179 و 180).
وإسناده صحيح إلى التابعي الثقة يزيد بن رُومَان.
ثالثًا ــ ما أخرجه ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7684)، فقال:
حدثنا حُميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن عبد العزيز بن رُفيع، قال:
(( كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِالْمَدِينَةِ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ )).
وإسناده صحيح إلى عبد العزيز بن رُفيع ــ رحمه الله ــ.
وهو تابعي ثقة، رَوى عن أنس، وابن عمر، وابن عباس، ورأى عائشة ــ رضي الله عنهم ــ.
رابعًا ــ ما أخرجه ضياء الدِّين المقدسي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الأحاديث المُختارة أو المُستخرج مِن الأحاديث المُختارة ممَّا لم يُخرِّجه البخاري ومسلم في صحيحيهما” (1161)، فقال:
أخبرنا أبو عبد الله محمود بن أحمد بن عبد الرحمن الثَّقَفي بأصبهان، أنَّ سعيد بن أبي الرَّجاء الصَّيْرفي أخبرهم قراءة عليه، أنا عبد الواحد بن أحمد البَقَّال، أنا عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق، أنا جَدِّي إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن جميل، أنا أحمد بن مَنِيع، أنا الحسن بن موسى، نا أبو جعفر الرَّازي، عن الرَّبِيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبَيِّ بن كعب:
(( أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ أُبَيًّا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَصُومُونَ النَّهَار وَلَا يُحسنون أَنْ يقرؤوا، فَلَوْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِمْ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ، وَلَكِنَّهُ أَحْسَنُ، فَصَلَّى بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَة )).
وقال الألباني ــ رحمه الله ــ في كتابه “صلاة التراويح” (ص:69):
«وهذا إسناد ضعيف».اهـ
وقال أحمد بن يحيى النَّجمي ــ رحمه الله ــ في كتابه “تأسيس الأحكام” (2/ 286):
«هذا الأثر ضعَّفه الألباني بأبي جعفر الرَّازي عيسى بن ماهان، وهو وإنْ كان فيه كلام إلا أنَّ الكلام فيه كله يَدور حول سوء حفظه وكثرة وهْمه، ولم يَقدح أحد مِن علماء الجرح والتعديل في عدالته.
ومِثل هذا لا يُوجِب ردَّ روايته، ولكن يُوجب التوقف فيما يَرويه حتى يُوجد له شاهد، فإنْ وُجِد له شاهد عُلم أنَّه مِمَّا حفظه، ولم يُخطئ فيه، كما هو معلوم مِن علم المصطلح».اهـ
قلت:
وهذا الأثر قد تعدَّدت شواهده.
ولعله لِمَا تقدَّم مِن الشواهد ذَكره ضياء الدِّين المقدسي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الأحاديث المُختارة أو المُستخرَج مِن الأحاديث المُختارة مِمَّا لم يُخرِّجه البخاري ومسلم في صحيحيهما”.
الأمر الثالث:
أنَّ المشهور في زمَن السَّلف الصالح مِن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم هو العمل برواية العشرين.
وقد دلَّ على هذا:
أوَّلًا ــ ما قاله ابن أبي الدُّنيا ــ رحمه الله ــ في كتابه “فضائل رمضان” (ص:79 ــ رقم:49):
حدثنا شُجاع بن مَخلد، قال: ثنا هُشيم، قال: أنبا عبد الملك، عن عطاء بن أبي رباح، قال:
(( كَانُوا يُصَلُّونَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَالْوِتْرَ ثَلَاثًا )).
وإسناده صحيح.
ــــ وقال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” ( 7688):
حدثنا ابن نُمير، عن عبد الملك، عن عطاء، قال:
(( أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّونَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ )).
وإسناده صحيح.
وعطاء بن أبي رباح التابعي ــ رحمه الله ــ قد أدرَك جمعًا كثيرًا مِن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ.
وهو هُنا يحكي ما شاهده في ذلك الزَّمن.
وقال عبد الله الدويش ــ رحمه الله ــ في كتابه “تنبيه القارئ على تقوية ما ضعَّفه الألباني” (ص:43):
«وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وعطاء بن أبي رباح قد أدرَك خلقًا كثيرًا مِن الصحابة.
وقد صحَّحه: النَّووي في “المجموع” (4/ 32)، وابن العراقي في “طرح التثريب” (3/ 97)».اهـ
ثانيًا ــ ما قاله ابن أبي الدُّنيا ــ رحمه الله ــ في كتابه “فضائل رمضان” (ص:80 ــ رقم:50):
حدثنا شُجاع، ثنا هُشيم، أنبا يونس، قال:
(( شَهِدْتُ النَّاسَ قَبْلَ وَقْعَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ وَهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَمَرْوَانُ الْعَبْدِيُّ، فَكَانُوا يُصَلُّونَ بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَا يَقْنُتُونَ إِلَّا فِي النِّصْفِ الثَّانِي، وَكَانُوا يَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ )).
وإسناده صحيح.
ويونس هو ابن عُبيد.
وصوابه: عبد الرحمن بن أبي بكرة، كما تقدَّم
ثالثًا ــ ما أخرجه البيهقي ــ رحمه الله ــ في “السُّنن الكبرى” (2/ 496- رقم: 4803)، فقال:
وأنبأ أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنبأ أبو عبد الله بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الوهاب، أنبأ جعفر بن عون، أنبأ أبو الخَصيب، قال:
(( كَانَ يَؤُمُّنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ فِي رَمَضَانَ فَيُصَلِّي خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ عِشْرِينَ رَكْعَةً )).
وقال أحمد بن يحيى النجمي ــ رحمه الله ــ في كتابه “تأسيس الأحكام” (2/ 287):
«وسنده صحيح».اهـ
رابعًا ــ ما قاله ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7683):
حدثنا وكيع، عن نافع بن عمر، قال:
(( كَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يُصَلِّي بِنَا فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَيَقْرَأُ: بِحَمْدِ الْمَلَائِكَةِ فِي رَكْعَةٍ )).
وإسناده صحيح.
وعبد الله بن أبي مُليكة ــ رحمه الله ــ قد ولِد في خلافة عليِّ بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ أو قبلها، وأدرَك جمعًا كثيرًا مِن الصحابة، وولِي القضاء والأذان لعبد الله ابن الزبير ــ رضي الله عنه ــ.
خامسًا ــ ما قاله ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (7686):
حدثنا غُنْدَر، عن شُعبة، عن خَلف، عن ربيع ــ وأثنى عليه خيرًا ــ عن أبي البَخْتَري: (( أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ فِي رَمَضَانَ، وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ )).
وإسناده حسن.
سادسًا ــ ما قاله ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في ــ رحمه الله ــ (7690):
حدثنا الفضل بن دُكين، عن سعيد بن عُبيد:
(( أَنَّ عَلِيَّ بْنَ رَبِيعَةَ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ، وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ )).
وإسناده صحيح.
وقال أبو عيسى الترمذي ــ رحمه الله ــ في “سُننه” (3/ 160 ــ عند حديث رقم: 806):
«وأكثر أهل العلم على:
ما رُوي عن عمر، وعلي، وغيرهما مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة.
وهو قول الثوري، وابن المُبارك، والشافعي.
وقال الشافعي: “وهكذا أدركت ببلدنا بمكة يصلون عشرين ركعة”».اهـ
الطريق الثاني:
الجمع بين رواية الإحدى عشرة ورواية العشرين ركعة.
حيث:
1 ــ قال ابن عبد البَرِّ المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الاستذكار” (5/ 154):
«إلا أنَّه يُحتمل أنْ يكون القيام في أوَّل ما عمل بِه عمر بإحدى عشرة ركعة، ثم خَفَّف عليهم طول القيام، ونقلَهم إلى إحدى وعشرين ركعة، يُخفِّفون فيها القراءة ويزيدون في الركوع والسجود».اهـ
2 ــ وقال أبو بكر البيهقي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “السُّنن الكبرى” (2/ 699 ــ بعد حديث رقم:4289):
«ويُمكن الجمْع بين الروايتين، فإنَّهم كانوا يقومون بإحدى عشرة، ثم كانوا يقومون بعشرين، ويُوترون بثلاث».اهـ
3 ــ وقال ابن حَجَر العسقلاني الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “فتح الباري شرح صحيح البخاري” (4/ 253-254):
«لم يَقع في هذه الرواية عدد الركعات التي كان يُصلِّي بها أُبَيّ بن كعب، وقد اختُلِف في ذلك:
ففي “الموطأ” عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، أنَّها:
(( إحدى عشرة )).
ورواه سعيد بن منصور، مِن وجْه آخَر، وزاد فيه:
(( وكانوا يقرؤون بالمائتين، ويقومون على العِصِّى مِن طول القيام )).
ورواه محمد بن نَصر المروزي، مِن طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن يوسف، فقال:
(( ثلاث عشرة )).
ورواه عبد الرزاق، مِن وجْه آخَر، عن محمد بن يوسف، فقال:
(( إحدى وعشرين )).
ورَوى مالك، مِن طريق يزيد بن خُصيفة، عن السَّائب بن يزيد:
(( عشرين ركعة )).
وهذا محمول على غير الوتر.
وعن يزيد بن رُومَان، قال:
(( كان الناس يقومون في زمان عمر بثلاث وعشرين )).
ورَوى محمد بن نَصر، مِن طريق عطاء، قال:
(( أدركتهم في رمضان يُصلون عشرين ركعة، وثلاث ركعات الوتر )).
والجمع بين هذه الروايات مُمكِن باختلاف الأحوال.
ويُحتمل أنَّ ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها، فحيث يُطيل القراءة تقِلّ الركعات، وبالعكس، وبذلك جزَم الدَّاودي، وغيره».اهـ
4 ــ قال عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع فتاويه” (11/ 322):
«فقد ثبت عن عمر هذا، وهذا.
ثبَت عنه ــ رضي الله عنه ــ أنَّه أمَر مَن عيَّن مِن الصحابة أنْ يُصلِّي إحدى عشرة.
وثبَت عنهم أنَّهم صلوا بأمْره ثلاثًا وعشرين.
وهذا يدُلّ على التوسعة في ذلك».اهـ
ــــ وقال أيضًا كما في “فتاوى نور على الدَّرب” (9/ 439):
«وثبت عن عمر ــ رضي الله عنه ــ والصحابة أنَّهم فعلوا ذلك، صلوا إحدى عشرة، وصلوا ثلاثًا وعشرين.
ثبت هذا وهذا عن عمر ــ رضي الله عنه ــ.
فالذي أنْكر ثبوته عن عمر قد غلِط، بل هو ثابت عن عمر أنَّه صلَّى ثلاثًا وعشرين، وفي بعض الليالي صلى إحدى عشرة.
فالأمر واسع والحمد لله».اهـ
الوقفة الرابعة:
عن الإجماع المنقول في أنَّه لا حَدَّ لعدد ركعات قيام الليل في شهر رمضان وغيره، وأنَّ للإمام أو غيره أنْ يُصلِّي بما شاء مِن عدد.
أولًا ــ قال ابن عبد البَرِّ المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “التمهيد” (13/ 214):
«أكثر ما رُوي عنه مِن ركوعه في صلاته بالليل صلى الله عليه وسلم:
ما رُوي في هذا الخبَر عن ابن عباس مِن حديث كُريب هذا، وما كان مِثله.
وليس في عدد الركعات مِن صلاة الليل حَدٌّ محدود عند أحد مِن أهل العلم لا يُتعدَّى.
وإنَّما الصلاة خير موضوع، وفِعل بِرٍّ وقُربة، فمَن شاء استَكثر، ومَن شاء استَقلَّ، والله يوفِّق ويُعين مَن يشاء برحمته لا شريك له».اهـ
ــــ وقال أيضًا (21/ 69-70):
«وقد مضى القول في قيام رمضان، وما الأصل فيه، وكيف كان بَدو أمْره، مِن باب ابن شهاب، مِن هذا الكتاب.
وأكثر الآثار على أنَّ صلاته كانت بالوتر إحدى عشرة ركعة.
وقد رُوي ثلاث عشرة ركعة، فمِنهم مَن قال: فيها ركعتا الفجر، ومِنهم مَن قال: إنَّها زيادة حفظها مَن تُقبل زيادته بما نقل مِنها، ولا يَضرها تقصير مَن قصَر عنها.
وكيف كان الأمر، فلا خلاف بين المسلمين أنَّ صلاة الليل ليس فيها حَدٌّ محدود، وأنَّها نافلة، وفِعل خير، وعمل بِرٍّ، فمَن شاء استقلَّ، ومَن شاء استكثر».اهـ
ثانيًا ــ قال القاضي عياض اليَحصبي المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “إكمال المَعلم بفوائد مسلم” (3/ 82 ــ عند حديث رقم:736):
«ولا خلاف أنَّه ليس في ذلك حَدٌّ لا يُزاد عليه ولا يُنقص منه، وأنَّ صلاة الليل مِن الفضائل والرَّغائب التي كلما زِيد فيها زِيد في الأجر والفضل.
وإنَّما الخلاف في فِعل النبي صلى الله عليه وسلم، وما اختاره لنفسه».اهـ
ونَقل عنه هذا الإجماع:
1 ــ النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في شرحه على “صحيح مسلم” (6/ 263 ــ عند حديث رقم:736).
2 ــ وأبو زُرعة العراقي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتاب “طرح التثريب في شرح التقريب” (2/ 662).
وغيرهما مِن العلماء
ولم يتعقَّبوه بشيء.
بل قال العراقي ــ رحمه الله ــ عقبه:
«هذا كلام القاضي، ونَقله عنه النَّووي، وأقرَّه».اهـ
ثالثًا ــ قال أبو زُرعة العراقي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتاب “طرح التثريب في شرح التقريب” (2/ 661):
«وفيه مشروعية الصلاة بالليل.
وقد اتَّفق العلماء على أنَّه ليس له حَدٌّ محصور.
ولكن اختلفت الرِّوايات فيما كان يَفعله النبي صلى الله عليه وسلم».اهـ
رابعًا ــ قال عبد الله ابن بابطين الحنبلي النَّجدي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “الدُّرر السَّنية في الأجوبة النَّجدية” (4/ 366):
«ورُوي عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ في التراويح أنواع.
واختلف العلماء في المُختار مِنها.
مع تجويزهم لفعل الجميع».اهـ
ويُؤكِد هذا:
أوَّلًا ــ ما أخرجه البخاري (990)، ومسلم (749)، عن ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ أنَّ رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يَخطب فقال: كيف صلاة الليل؟ فقال:
(( مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ )).
ثانيًا ــ ما قاله ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (6728):
حدثنا وكيع، عن عِمران بن حُدير، عن أبي مِجْلز، أنَّ أسامة بن زيد وابن عباس، قالا:
(( إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قُمْتَ تُصَلِّي، فَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ، وَاشْفَعْ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ أَوْتِرْ )).
وإسناده صحيح.
قلت:
وصلاة التراويح مِن قيام الليل.
1 ــ حيث قال أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في شرح على “صحيح مسلم” (6/ 39-40 ــ عند حديث رقم: 759):
«والمُراد بقيام رمضان: صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها».اهـ
2 ــ وقال عبد الرحمن ابن قاسم الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الإحكام شرح أصول الأحكام” (1/ 305):
«وحَكَى الكِرماني: الاتفاق على أنَّ المُراد بقيام رمضان: صلاة التراويح.
وهو قول الجمهور، وهي سُنَّة مؤكَّدة بإجماع المسلمين، حكاه الشيخ وغيره».اهـ
3 ــ وقال ابن حَجَر العسقلاني الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “فتح الباري شرح صحيح البخاري” (4/ 251 ــ عند حديث رقم:2008):
«والمُراد مِن قيام الليل ما يَحصل به مُطلَق القيام، كما قدَّمناه في التَّهجد، سواء.
وذَكر النَّووي أنَّ المُّراد بقيام رمضان صلاة التراويح، يعني: أنَّه يَحصل بها المطلوب مِن القيام، لا أنَّ قيام رمضان لا يكون إلا بها.
وأغرَب الكِرماني فقال: “اتفقوا على أنَّ المُراد بقيام رمضان صلاة التراويح”».اهـ
4 ــ وقال عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع فتاويه” (11/ 318):
«أمَّا التراويح، فهي تُطلَق عند العلماء على قيام الليل في رمضان أوَّل الليل.
ويجوز أنْ تُسمَّى تهجُّدًا، وأنَّ تُسمَّى قيامًا لليل، ولا مُشاحة في ذلك».اهـ
الوقفة الخامسة:
عن القول بأنَّ الزِّيادة على إحدى عشرة ركعة بدعة أو لا تجوز.
وهذا القول ليس بصواب، وضعيف جدًّا، وشاذ.
وذلك لأمور خمسة:
الأمر الأوَّل:
أنَّ الزِّيادة على إحدى عشرة ركعة ثابتة عن السَّلف الصالح مِن الصحابة والتابعين فمَن بعدهم.
حيث لا يُعرَف المَنع مِن الزيادة عن أحد مِنهم.
وهُم أعلم الناس بالسُّنَّة النَّبوية، وأحرصهم على متابعتها، وأكرههم لمخالفتها.
ولا يجوز الخروج عن سبيلهم قولًا، أو فِعلًا، أو فهمًا، أو إفتاء، بالنَّص والإجماع.
الأمر الثاني:
أنَّ العلماء مُجمِعون على جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة.
وقد ذكر إجماعهم:
1 ــ ابن عبد البَرِّ المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “التمهيد” (13/ 214 و 21/ 69-70).
2 ــ والقاضي عياض المالكي ــ رحمه الله ــ في كتابه “إكمال المَعلم بفوائد مسلم” ( 3/ 82 ــ عند حديث رقم:736).
3 ــ وأبو زُرعة العراقي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتاب “طرح التثريب شرح التقريب” (2/661)، وغيرهم.
وقد تقدَّمت قريبًا نصوصهم في نَقل الإجماع على ذلك، ومَن أقرَّهم، فأغنَى ذلك عن إعادتها، وكَفَت الإشارة.
الأمر الثالث:
أنَّه مُخالِف للأحاديث النَّبوية الدَّالة على جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة.
الحديث الأوَّل:
ما أخرجه البخاري (990)، ومسلم (749) عن ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ أنَّ رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يَخطب فقال: كيف صلاة الليل؟ فقال:
(( مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ )).
وقد فَهم أئمة الفقه والحديث ــ رحمهم الله ــ مِن هذا الحديث:
جواز الزيادة على إحدى عشرة، وأنَّه لا حَدَّ لعدد ركعات صلاة الليل، بل وأجمعوا على ذلك، وحكوا الإجماع عليه وتناقلوه عند شرح هذا الحديث وأمثاله.
ولم يُنقل عن أحدٍ مِن السَّلف الصالح ــ رحمهم الله ــ أنَّه قيَّد هذا الحديث بحديث عائشة ــ رضي الله عنها ــ الذي خرَّجه البخاري (1147)، ومسلم (738)، بلفظ:
(( مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً )).
ولا يجوز في حقِّ النبي صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وقد قيل: «إنَّه مُجمَع عليه».
لاسيِّما والرَّجل سأله في مَلأ مِن الناس، بل في خطبة عامَّة.
ودونكم ــ سدَّدكم الله ــ بعض كلام أهل العلم عن ذلك:
1 ــ حيث قال ابن تيمية الحرَّاني ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع الفتاوى” (22/ 272 -273):
«كما أنَّ نفس قيام رمضان لم يُوقِّت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عددًا مُعيَّنًا، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يُطيل الركعات.
فلمَّا جمَعهم عمر على أُبَيِّ بن كعب، كان يُصلِّي بِهم عشرين ركعة، ثم يُوتر بثلاث.
وكان يُخِفُّ القراءة بقدْر ما زاد مِن الركعات، لأنَّ ذلك أخَفُّ على المأمومين مِن تطويل الركعة الواحدة.
ثم كان طائفة مِن السَّلف يقومون بأربعين ركعة، ويُوترون بثلاث، وآخَرون قاموا بِسِتٍّ وثلاثين، وأوتروا بثلاث.
وهذا كله سائغ، فكيفما قام في رمضان مِن هذه الوجوه، فقد أحسن.
والأفضل يَختلف باختلاف أحوال المُصلِّين، فإنْ كان فيهم احتمال لِطول القيام، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلِّي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل.
وإنْ كانوا لا يحتملونه، فالقيام بعشرين هو الأفضل، وهو الذي يَعمل بِه أكثر المسلمين، فإنَّه وسَط بين العشر وبين الأربعين.
وإنْ قام بأربعين وغيرها، جاز ذلك.
ولا يُكره شيء مِن ذلك، وقد نصَّ على ذلك غير واحد مِن الأئمة، كأحمد، وغيره.
ومَن ظن أنَّ قيام رمضان فيه عدد موقَّت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُزاد فيه، ولا يُنقص منه، فقد أخطأ».اهـ
ــــ وقال أيضًا (23/ 112- 123):
«قد ثبَت أنَّ أُبَيِّ بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة في قيام رمضان، ويُوتر بثلاث.
فرأى كثير مِن العلماء: أنَّ ذلك هو السُّنَّة، لأنَّه أقامَه بين المُهاجرين والأنصار، ولم يُنكِره مُنكِر.
واستحبَّ آخَرون: تسعة وثلاثين ركعة، بناء على أنَّه عمل أهل المدينة القديم.
وقال طائفة: قد ثبت في الصَّحيح عن عائشة: (( أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة )).
واضطرب قومٌ في هذا الأصل، لِمَا ظنُّوه مِن معارضة الحديث الصَّحيح، لِمَا ثبَت مِن سُنَّة الخلفاء الراشدين، وعمل المسلمين».اهـ
2 ــ وقال محمد بن صالح العثيمين ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع فتاوى ورسائل فضيلته” (14 / 195-196)، بعد حديث ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ:
ولم يُحدِّد له النبي صلى الله عليه وسلم عددًا، مع أنَّ الحال تقتضي ذلك، لأنَّ الرَّجل السائل لا يَعلم عن صلاة الليل كمِّية، ولا كيفية، فلما بيَّن له النبي صلى الله عليه وسلم الكيفية، وسَكت عن الكمِّية، عُلم أنَّ الأمر في العدد واسع، ولهذا اختلف عمل السَّلف الصالح في ذلك.
والقول بأنَّه لا تجوز الزيادة عن العدد الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بِه، وأنَّ الزيادة عليه داخلة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( مَن أحدَث في أمْرنا هذا ما ليسَ مِنه فهو رَدّ )).
قول ضعيف، لِمَا علمت مِن حديث عبد الله بن عمر ــ رضي الله عنهما ــ، وعمل السَّلف الصالح».اهـ
ــــ وقال أيضًا في شرح على كتاب “رياض الصالحين” (5 / 218):
«اختلف العلماء في عدد ركعات التراويح:
فمِنهم مَن قال: إحدى عشرة ركعة، ومِنهم مَن قال: ثلاث عشرة ركعة، ومِنهم مَن قال: ثلاث وعشرون ركعة، ومِنهم مَن قال: أكثر مِن ذلك.
والأمر في هذا واسع.
لأنَّ السَّلف الذين اختلفوا في هذا، لم يُنكِر بعضهم على بعض.
فالأمر في هذا واسع، يعني: نحن لا نُنكر على مَن زاد على إحدى عشرة ركعة، ولا على مَن زاد على ثلاث وعشرين ركعة، ونقول: صلِّ ما شِئت ما دامت جماعة المسجد قد رضوا بذلك، ولم يُنكِر أحد».اهـ
3 ــ وقال عبد الله ابن بابطين الحنبلي النَّجدي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “الدُّرر السَّنية في الأجوبة النَّجدية” (4/ 363):
«وأمَّا صلاة التراويح أقلّ مِن العشرين، فلا بأس.
والصحابة ــ رضي الله عنهم ــ مِنهم: مَن يُقِل، ومِنهم: مَن يُكثِر.
والحَدُّ المَحدود لا نصَّ عليه مِن الشارع صحيح».اهـ
ــــ وقال أيضًا (4/ 365):
« فلمَّا تقرَّر أنَّ قيام رمضان، وإحياء العشر الأواخِر سُنَّة مؤكَّدة، وأنَّه في جماعة أفضل، وأنَّه صلى الله عليه وسلم لم يوقِّت في ذلك عددًا، علمنا أنَّه لا توقيت في ذلك».اهـ
وقال أيضًا (4/ 366):
«ورُوي عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ في التراويح أنواع، واختلف العلماء في المُختار مِنها، مع تجويزهم لفعل الجميع.
فاختار الشافعي وأحمد: عشرين ركعة.
مع أنَّ أحمد نصَّ على: أنَّه لا بأس بالزيادة، وقال: “رُوي في ذلك ألوان” ولم يُقضَ فيه بشيء، وقال عبد الله بن أحمد: “رأيت أبي يُصلِّي في رمضان ما لا يُحصى مِن التراويح”.
واختار مالك: ستًّا وثلاثين ركعة.
وحَكَى الترمذي عن بعض العلماء: اختيار إحدى وأربعين ركعة مع الوتر، قال: “وهو قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم بالمدينة”.
وقال إسحاق بن إبراهيم: نختار إحدى وأربعين ركعة على ما رُوي عن أُبَيِّ بن كعب».اهـ
4 ــ وقال محمد بن علي الشوكاني ــ رحمه الله ــ في كتابه “نيل الأوطار” (3/ 66):
«والحاصل أنَّ الذى دلَّت عليه أحاديث الباب هو:
مشروعية القيام في رمضان، والصلاة فيه جماعة وفُرادى.
فقصْر الصلاة المُسمَّاة بالتراويح على عدد مُعيَّن، وتخصيصها بقراءة مخصوصة، لم يَرد بِه سُنَّة».اهـ
5 ــ وقال عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع فتاويه” (15/ 18-19):
«ومِن الأمور التي قد يَخفى حُكمها على بعض الناس:
ظنُّ بعضهم: أنَّ التراويح لا يجوز نَقصها عن عشرين ركعة.
وظنُّ بعضهم: أنَّه لا يجوز أنْ يُزاد فيها على إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة.
وهذا كله ظنٌّ في غير محلِّه، بل هو خطأ مُخالف للأدلة.
وقد دلَّت الأحاديث الصَّحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على:
أنَّ صلاة الليل مُوسَّع فيها، فليس فيها حَدَّ محدود لا تجوز مخالفته.
بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يُصلِّي مِن الليل إحدى عشرة ركعة، وربَّما صلَّى ثلاث عشرة ركعة، وربَّما صلى أقلَّ مِن ذلك في رمضان وفي غيره.
ولمَّا سُئل صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، قال: (( مَثنى مَثنى، فإذا خشِي أحدكم الصبح صلَّى ركعة واحدة تُوتِر له ما قد صلَّى )) متفق على صحِّته.
ولم يُحدِّد ركعات مُعيَّنة لا في رمضان، ولا في غيره.
ولهذا صلَّى الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ في عهد عمر ــ رضي الله عنه ــ في بعض الأحيان ثلاثًا وعشرين ركعة، وفي بعضها إحدى عشرة ركعة، كل ذلك ثبت عن عمر ــ رضي الله عنهما ــ، وعن الصحابة في عهده.
وكان بعض السَّلف يُصلِّي في رمضان سِتًّا وثلاثين ركعة، ويُوتر بثلاث، وبعضهم يُصلِّي إحدى وأربعين».اهـ
الحديث الثاني:
ما أخرجه أحمد (17026)، والنسائي (584)، واللفظ له، وابن ماجه (1251)، عن عَمرو بن عَنْبَسة ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال:
(( أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْلَمَ مَعَكَ؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ»، قُلْتُ: هَلْ مِنْ سَاعَةٍ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ ــ عَزَّ وَجَلَّ ــ مِنْ أُخْرَى؟ قَالَ: «نَعَمْ، جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ» )).
وقال محمد علي آدم الإتيوبي ــ رحمه الله ــ في شرحه على “سُنن النسائي” (7/ 423):
«قوله: (( فَصَلِّ ما بَدا لك ))، وفي رواية أبي داود: (( فصل ما شئت ))، وفيه:
أنَّ صلاة الليل ليس لها عدد مُعيَّن.
خلاف ما يَزعمه بعض الناس أنَّ الزِّيادة على إحدى عشرة ركعة التي ورَدت في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة.
فيُنكرون على مَن يُصلِّي في رمضان عشرين ركعة، أو أقلَّ، أو أكثر، على حسب نشاط المتهجدين.
فيَرُدّ عليهم هذا الحديث، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (( فصلّ ما شئت، فإنَّ الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تُصلِّي الصبح )) رواه أبو داود.
فإنَّه أطلق له الكيفية، والكمِّية».اهـ
ــــ وقال أيضًا (7/ 425-426):
«هذا الحديث في سنده يزيد بن طَلق، وابن البيلماني، وقد تقدَّم المَقال فيهما، إلا أنَّه صحيح بما سَبق في (572)».اهـ
قلت:
ولهذا الحديث طريق آخَر:
عن عمرو بن عَنْبَسة ــ رضي الله عنه ــ، عند أبي داود (1277)، وغيره.
وصحَّحه:
ابن خزيمة (260)، والحاكم (584).
وقال الألباني ــ رحمه الله ــ عن إسناده في “صحيح أبي داود” (5/ 21 ــ الأم):
«وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، غير العباس بن سالم، وهو ثقة».اهـ
وله شاهد أيضًا:
مِن حديث عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ.
حيث قال الحافظ ابن كثير ــ رحمه الله ــ في كتابه “مُسند الفاروق” (1/ 196):
وقد رواه احمد بن مَنيع فى “مُسنده”، بلفظ آخَر، فقال:
حدثنا هُشيم، أخبرنا منصور بن زَادان، عن قتادة، عن أبى العالية، عن ابن عباس، عن عمر، قال:
(( قلت يا رسول الله: أىُّ الليل أسمع، قال: جوف الليل الآخِر، فصلِّ ما شئت، فإنَّ الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تُصلى الصبح )).
إسناده جيد، وهو غريب مِن هذا الوجه».اهـ
الأمر الرابع:
أنَّه مُخالف للمنقول عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ مِن تطوع القائم بالليل ما بَدا له.
ومِن الآثار المنقولة عنهم ــ رضي الله عنهم ــ:
1 ــ ما قاله ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنَّفه” (6728):
حدثنا وكيع، عن عِمران بن حُدير، عن أبي مِجْلز، أنَّ أسامة بن زيد وابن عباس، قالا:
(( إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ثُمَّ قُمْتَ تُصَلِّي فَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ، وَاشْفَعْ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ أَوْتِرْ )).
وإسناده صحيح.
2 ــ ما أخرجه البخاري ــ رحمه الله ــ في “صحيحه” ( 589) عن ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ أنَّه قال:
(( أُصَلِّي كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يُصَلُّونَ، لاَ أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي بِلَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ مَا شَاءَ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا )).
3 ــ وقال ابن خُزيمة ــ رحمه الله ــ في “صحيحه” (1256):
وحدثناه بُندار، نا عثمان ــ يعني: ابن عمر ــ، نا ابن أبي ذِئب، عن عثمان بن عبد الله بن سُراقة:
(( أَنَّهُ رَأَى حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يُسَبِّحُ فِي السَّفَرِ، وَمَعَهُمْ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَقِيلَ: إِنَّ خَالَكَ يَنْهَى عَنْ هَذَا، فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ، لَا يُصَلِّي قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا».
قُلْتُ: أُصَلِّي بِاللَّيْلِ؟ فَقَالَ: «صَلِّ بِاللَّيْلِ مَا بَدَا لَكَ» )).
وقال الألباني ــ رحمه الله ــ في “التعليق على صحيح ابن خزيمة” ( 1256)، عقبه:
«إسناده صحيح كالذي قبله».اهـ
الأمر الخامس:
أنَّه قول مُحدَث خارج عن أقاويل السَّلف الصالح في المسألة، وما كان كذلك فهو غير جائز، ومَردود.
وصورة ذلك مثَلًا:
«أنْ يكون للسَّلف الصالح في مسألة شرعية قول واحد أو ثلاثة أقوال، ولا يُوجد عنهم غير هذا القول الواحد، أو هذه الأقوال الثلاثة».
1 ــ حيث قال الفقيه أبو الحسن الأشعري ــ رحمه الله ــ في كتابه “رسالة إلى أهل الثغر” (ص:306-307):
«الإجماع التاسع والأربعون:
وأجمعوا:
ــــ على أنَّ ما كان بينَهم مِن الأمور الدُّنيا لا يُسقِط حقوقهم، كما لا يُسقِط ما كان بين أولاد يعقوب النبي ــ عليه السلام ــ مِن حقوقهم.
ــــ وعلى أنَّه لا يجوز لأحدٍ أنْ يَخرج عن أقاويل السَّلف فيما أجمعوا عليه، وعمَّا اختلفوا فيه، أو في تأويله.
لأنَّ الحق لا يجوز أنْ يَخرج عن أقاويلهم».اهـ
2 ــ وجاء في كتاب “شرح الكوكب المنير” (2/ 264) وهو مِن كتب الأصول عند الحنابلة:
«وإذا كان مُجتهدو عصرٍ اختلفوا في مسألة على قولين:
حَرُمَ إحداث قول ثالث مطلقًا عند الإمام أحمد، وأصحابه، وعامَّة الفقهاء».اهـ
بل قد قال إمام أهل السُّنة أحمد بن حنبل ــ رحمه الله ــ عن إحداث قولٍ جديد خارج عن أقاويل الصحابة في المسألة:
«هذا قولٌ خبيث، قولُ أهلِ البدع».
حيث قال القاضي أبو يَعلى الفرَّاء الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “العُدَّة في أصول الفقه” (4/ 1059):
«وقد نصَّ أحمد ــ رحمه الله ــ على هذا في رواية عبد الله، وأبي الحارث:
“في الصحابة إذا اختلفوا لم يُخْرَج مِن أقاويلهم، أرأيت إنْ أجمعوا، له أنْ يَخرج مِن أقاويلهم؟ هذا قولٌ خبيث، قول أهل البدع، لا يَنبغي أنْ يُخرَج مِن أقاويل الصحابة إذا اختلفوا».اهـ
وفي ختام هذا الجمْع لا يَسعني إلا أنْ أقول:
إنْ أُرِيد بما كتبت إلا الحق ما استطعت، وإثراء المسألة حديثيًّا وفقهيًا، وجمْع شتاتها لِنفسي وإخواني مِن طلاب العلم في بحث مُستقِل، فهُم يَسعدُون بمِثل ذلك.
فما كان مِن إصابة فيه، فمِن توفيق الله تعالى، وله وحدَه الفضل والمِنَّة.
وما كان مِن خطأ فمِن تقصير نفسي والشيطان، والله ورسوله مِنه بريئان، وأستغفر الله مِنْه، وهو أرحم الراحمين.
ولا أستغني عن النُّصح عند الخطأ على الشريعة، بل أنا مُحتاج إليه، وشاكر مَن أسداه، مع الدعاء له، وحفظ جميله.
وكتبه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجُنيد.
الفهارس
الوقفة الأولى:
عن الأثر الوارد في قيام الناس بعشرين ركعة في عهد الخليفة الراشد المَهدي عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ.
[ مِن ص: 1 – 7]
وتحتها:
وسوف يكون الكلام عن هذا الأثر في صلاة التراويح بعشرين ركعة في ثلاثة فروع:
الفرع الأوَّل: عن لفظه، وتخريجه، ودرجته.
الفرع الثاني: عن أسماء ونصوص أهل العلم الذين صحَّحوا إسناده أو أشاروا إلى ثبوته، أو تقديمه على غيره مِمَّا ورَد عن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ.
الفرع الثالث: عن الشواهد التي تُقوِّي أثر العشرين ركعة، وتُؤكِّد ما جاء فيه، وتَدُلّ على شُهرته عند السَّلف الصالح، وعملهم بِه.
الوقفة الثانية:
عن الآثار الواردة عن السَّلف الصالح في القيام بعشرين ركعة.
[ مِن ص: 7 ـ 15]
الوقفة الثالثة:
عن توجيه وإجابة أهل العلم والفقه عن الوارد عن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ مِن الأمر بصلاة التراويح بإحدى عشرة ركعة.
[ مِن ص: 15 – 27]
وتحتها:
وقد وجدت لأهل العلم ــ رحمهم الله ــ في التعامل مع رواية الإحدى عشرة طريقين:
الطريق الأوَّل: تقديم رواية العشرين ركعة على رواية الإحدى عشرة ركعة.
وقُدِّمَت لأمور ثلاثة:
الأمر الأوَّل: أنَّ رواية الإحدى عشرة ركعة قد حصل فيها اختلاف أو اضطراب.
الأمر الثاني: أنَّ رواية العشرين ركعة قد أيدَّتها وقوتها روايات عديدة عن عمر ــ رضي الله عنه ــ، بخلاف رواية الإحدى عشرة.
الأمر الثالث: أنَّ المشهور في زمَن السَّلف الصالح مِن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم هو العمل برواية العشرين.
الطريق الثاني:
الجمع بين رواية الإحدى عشرة ورواية العشرين ركعة.
الوقفة الرابعة:
عن الإجماع المنقول في أنَّه لا حَدَّ لعدد ركعات قيام الليل في شهر رمضان وغيره، وأنَّ للإمام أو غيره أنْ يُصلِّي بما شاء مِن عدد.
[ مِن ص: 27 – 30]
الوقفة الخامسة:
عن القول بأنَّ الزيادة على إحدى عشرة ركعة بدعة أو لا تجوز.
[ مِن ص: 30 – 40]
وتحتها:
وهذا القول ليس بصواب، وضعيف جدًّا، وشاذ.
وذلك لأمور خمسة:
الأمر الأوَّل: أنَّ الزِّيادة على إحدى عشرة ركعة ثابتة عن السَّلف الصالح مِن الصحابة والتابعين فمَن بعدهم.
الأمر الثاني: أنَّ العلماء مُجمِعون على جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة.
الأمر الثالث: أنَّه مُخالِف للأحاديث النَّبوية الدَّالة على جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة.
الأمر الرابع: أنَّه مُخالف للمنقول عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ مِن تطوع القائم بالليل ما بَدا له.
الأمر الخامس: أنَّه قول مُحدَث خارج عن أقاويل السَّلف الصالح في المسألة، وما كان كذلك فهو غير جائز، ومَردود.