لا يصحُّ في الأمر بالمضمضة حديثٌ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا يعني أنها مستحبة لا واجبة
أولاً: قال الإمام محمَّد بن نصر المروزي – رحمه الله في كتابه «اختلاف العلماء»(ص:24-25):
ولم يثبت عنه أمرٌ بالمضمضة؛ فلذلك أوجبوا الاستنشاق، ولم يُوجبوا المضمضة.اهـ
ثانياً: قال الحافظ ابن المنذر النيسابوري – رحمه الله – في كتابيه «الأوسط» (1 /379-380) و «الإشراف» (1 /201):
والذي به نقول:
إيجاب الاستنشاق خاصَّة دُون المضمضة؛ لثبوت الأخبار عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه أمر بالاستنشاق، ولا نعلم في شيءٍ من الأخبار أنَّه أمر بالمضمضة.اهـ
ثالثاً: قال ابن حزم الظاهري – رحمه الله – في كتابه «المحلى»(1/ 295 – مسألة رقم::198):
أما قولنا في المضمضة فلم يصحَّ بها عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمرٌ؛ وإنَّما فيها فعلُه – عليه السَّلام -، وقد قدَّمنا أنَّ أفعاله صلَّى الله عليه وسلَّم ليست فرضًا.اهـ
تنبيهان:
الأول:
جاءت زيادةٌ في حديث لَقِيط بن صَبْرة: «إذَا تَوضَأتَ فَمَضْمِض» من طريق إسماعيل بن كثير، عن عاصم، عن أبيه لقيط.
وقد روى الحديث عن إسماعيل:
يحي بن سليم، وسفيان الثوري، فلم يَذكُرا زيادة الوضوء.
وروى الحديث عن إسماعيل:
ابن جريج.
واختلف عليه تلامذته؛ فذكرها عنه أبو عاصم النبيل، ولم يذكرها يحيى بن سعيد القطان.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في «شرح علل الترمذي»:
وقد قوَّى أحمد رواية يحيى بن سعيد عنه، وضعَّف رواية أبي عاصم عنه.اهـ
وتقدَّم تضعيف ابن نصر، وابن المنذر، وابن حزم، لها.
وهذا القول هو الراجح.
وصحَّحها من المتأخرين:
مغلطاي، وابن الملقن، وابن حجر العسقلاني، والألباني، وابن باز، والوادعي.وحسنها النووي.
الثاني:
1- قال الحافظ ابن عبد البر – رحمه الله – في كتابه “التمهيد”(4/ 36):
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه أنه ترك المضمضة والاستنشاق في وضوئه أو في غسل الجنابة.اهـ
2- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله – في كتابه “فتح الباري”(1/ 262 – عند حديث رقم: 161):
ولم يحك أحد ممن وصف وضوءه – عليه الصلاة والسلام – على الاستقصاء أنه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة.اهـ
3- قال الزركشي الحنبلي – رحمه الله في “شرحه على مختصر الخرقي”(1/ 186):
ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخل بذلك مع اقتصاره على المجزئ، وهو الوضوء مرة مرة.اهـ
4- قال الزيلعي الحنفي – رحمه الله – في كتابه “نصب الراية”(1/ 10):
الذين رووا صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم عشرون نفراً، وكلهم حكوا فيه المضمضة والاستنشاق.اهـ