خطبة عن شيء مِن فوائد حديث سَهل بن حُنيف في الإصابة بالعين
الخطبة الأولى:ـــــــــــــــ
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي عليه المُعتمد، وإليه المُستند، ومِنه المُستمد، وهو القوي العزيز، وأشهد أنْ لا إله ولا رب لنا سواه سبحانه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أفضل مخلوقاته، وأكمل أحبابه، المبعوث رحمة للإنس والجان، فصلى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه المُقتدين به في كل حالاته، والتابعين لهم بإحسان في سلامة القلوب، وحُسْن العقيدة والعمل.
أما بعد، أيها الناس:
فاتقوا الله ربكم ــ جلَّ وعلا ــ بالحذَر مِن أذيَّة عباده المؤمنين، وإلحاق الضَّرر بهم في أنفسهم، أو أموالهم، أو أهليهم، بغير جُرم فعلوه، فقد قال سبحانه زاجرًا لكم ومُحذِّرًا: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }.
أيها الناس:
لقد أخبر أبو أُمَامة بن سَهل بن حُنَيف أنَّ أباه ــ رضي الله عنهما ــ حدَّثه: (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ، حَسَنَ الْجِسْمِ، وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فَلُبِطَ بِسَهْلٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ؟ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَمَا يُفِيقُ، قَالَ: «هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ: «عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ؟» ثُمَّ قَالَ لَهُ: «اغْتَسِلْ لَهُ» فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ، وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ )).
وسوف يكون الكلام عن هذا الحديث النَّبويِّ في خطبتنا هذه عن عِدَّة أمور تتعلَّق به، فأقول مستعينًا بالله ــ جلَّ وعزَّ ــ:
الأمر الأول / عن درجته، وموضوعه.
هذا الحديث حديث صحيح، رواته أئمة ثقات أثبات، وقد صحَّحه جمع عديد مِن أهل العلم بالحديث.
وأمَّا موضوعه فهو: بيان كيفية علاج الإصابة بعين العائن.
الأمر الثاني / عن شرح بعض ألفاظه.
جاء في هذا الحديث مِن الألفاظ: قول عامر بن ربيعة ــ رضي الله عنه ــ حين رأى جِسم وبدَن سَهل بن حُنَيف ــ رضي الله عنه ــ وهو يغتسل: (( مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخْبَأَةٍ )).
ومعناه: أنَّه مَا رأى قبل هذا اليوم جسدًا في الحُسن كجسد سهل بن حُنَيف ــ رضي الله عنه ــ، ولا حتى في النساء المُخَبَّآت اللاتي رآهن مِن قبْل.
والمُخَبَّأة هي: المرأة المُخدَّرة المكنونة التي لا تراها العيون، ولا تَبرز للشمس فتغيِّر لون جلدها.
وجاء في هذا الحديث مِن الألفاظ أيضًا: قوله ــ رضي الله عنه ــ: (( فَلُبِطَ سَهْلٌ، وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَمَا يُفِيقُ )).
ومعنى (( فَلُبِطَ سَهْلٌ )): أي: صُرِع وسَقط فما يُفِيق ولا يَرفع رأسه، وحصل له ذلك حين أصابه عامر بن ربيعة بالعين.
الأمر الثالث / عن الفوائد المستنبطة مِنه.
فمِن فوائد هذا الحديث:
أنَّ الإصابة بالعين شيء ثابت موجود، وقد دَلَّ على حصول أثرها القرآن والسُّنَّة والإجماع والحِسُّ المُشاهد، ولم يُنكرها إلا شُذَّاذ الخلق كالفلاسفة الذين يُنكرون وجود الله تعالى، وبعض غُلاة الصوفية، وقد أخبر الله سبحانه في سورة يوسف عن نبيه يعقوب ــ عليه السلام ــ أنَّه حين خَشي على بنيه العين أمرهم أنْ لا يدخلوا مصر جميعًا مِن باب واحد، وقد كانوا عددًا وذَوِي صورةٍ وجمال: { وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا }، وحاول الكفار زمَن النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يُصيبوه بالعين فحَماه الله مِن عيونهم، حيث قال الله تعالى في سورة القلم: { وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ }.
ومِن فوائد الحديث:
أنَّ في طِباع البشر الإعجاب بالشيء الحسن، ولهذا لم يُعاتب النبي صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة ــ رضي الله عنه ــ على ذلك، لأنَّه لا يَملك دَفعه، وإنَّما عاتبه على تركه التَّبْرِيك الذي كان في وسْعه وطاقته حين رأى حُسْن جسد سَهل بن حُنيف ــ رضي الله عنه ــ، فقال صلى الله عليه وسلم له: (( عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ؟ )).
ومِن فوائد الحديث:
أنَّ الإعجاب بالشيء والنظر إليه وقول شيء عنه دُون دعاء لصاحبه بالبرَكة قد يكون مِن أسباب الإصابة بالعين، إذ ثبت عن عامر بن ربيعة ــ رضي الله عنه ــ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ))، فدَلَّ على أنَّ الإنسان قد يُصيب نفسه، أو ماله، أو مركبته، أو ولده، أو صديقه، أو غيرهم بالعين إذا رأى فيهم ما يُعجبه دون دعاء الله بالبركة فيهم، ولهم.
ومِن فوائد الحديث:
أنَّ الإصابة بالعين قد تقع مِن الرَّجل الصالح، حيث وقعت مِن صحابي، والمذموم هو تَقَصُّد أذيَّة الناس بها، أو ترك الدعاء بالبرَكة إذا رأت العين ما يُعجِب وخُشي منها الضرر، ومِن أقبح أمر العائن أنْ تَصدر عنه العين عن حَسد وغَيظ، ومِمَّا يدُلُّ على حصولها عن حَسد ما صحَّ عن أبي سعيد ــ رضي الله عنه ــ: (( أَنَّ جِبْرِيلَ ــ عليه السلام ــ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ» )).
ومِن فوائد الحديث:
بيان عِظم ضَرر العين، وأنَّ العين رُبَّما تقتل وتكون مِن أسباب المَنِيَّة والوفاة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (( عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ؟ ))، ومِن ضَررِها الوارد في هذا الحديث سُقوط سَهل بن حُنيف ــ رضي الله عنه ــ بسببها مصروعًا على الأرض لا يفيق ولا يتحرك.
وجاء بإسناد حسَّنه الحافظ ابن حجر العسقلاني والإمام الألباني وغيرهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( «أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ بِالْأَنْفُسِ»، يَعْنِي: الْعَيْنَ )).
ومِن فوائد الحديث:
أنَّ العين لا تَضر ولا تَعْدوا إذا برَّك العائن، فدعا بالبرَكة، وإنَّما تَعْدوا إذا لم يُبرِّك.
وصفة التبريك: أنْ يقول: “بارك الله فيك، أو بارك الله لك، أو بارك الله عليك”، وهذا التبريك دعاء، ويؤكده قوله صلى الله عليه وسلم الثابت: (( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ )).
ويُخطأ جَمع مِن الناس فيقولون عند رؤيتهم لشيء بإعجاب حتى يدفعوا العين: “تبارك الله”، لأنَّ تبارك وصفٌ لله تعالى، وهو مثل قولنا: “تعالى وتعاظَم وتقدَّس ربُّنا”، وليس بدعاء بالبرَكة.
ومِن فوائد الحديث:
بيان كيفية علاج الإصابة بالعين بعد وقوعها ومعرفة مَن هو العائن.
وذلك: بأن يُطلب مِن العائن أنْ يغتسل بالماء أو يتوضأ منه، ثم يُصَبُّ الماء الذي اغتسل به أو توضأ فيه على المُصاب بالعين، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعامر بن ربيعة ــ رضي الله عنه ــ: (( «اغْتَسِلْ لَهُ» فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ، وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ ))، وثبت عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت: (( كانَ يُؤمَر العائِنُ فيتوضّأُ، ثم يَغْتَسِلُ مِنْهُ المَعِينُ )).
وأما إذا لم يُعرف العائن فإنَّ المُصاب بالعين يُعالَج بالرُّقية، لِما صحَّ عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ: (( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَسْتَرْقِيَ مِنَ الْعَيْنِ ))، ولِما صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس ــ رضي الله عنه ــ: (( «مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً تُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ» قَالَتْ: لَا، وَلَكِنِ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ، فقَالَ: «ارْقِيهِمْ» )).
نفعني الله وإياكم بما سمعتم، وحمانا مِن كل شرّ، إنَّه سميع مجيب.
الخطبة الثانية:ـــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين، وسلامٌ على عباده المرسلين، وآلهم وأصحابهم وأتباعهم المؤمنين.
أما بعد، أيها الناس:
فلا زال الحديث متواصلًا معكم عن فوائد حديث أبي أُمَامة بن سَهل بن حُنَيف ــ رضي الله عنهما ــ ، فأقول مستعينُا بالله ربي:
ومِن فوائد الحديث أيضًا:
أنَّه يجب على العائن أنْ يغتسل أو يتوضأ للمعين إذا طُلِب منه، فإنْ امتنع أثِمَ وكان عاصيًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأمره صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، حيث قال لعامرٍ ــ رضي الله عنه ــ : (( قم فاغتسل له ))، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر صحيح: (( الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا ))، إلا أنَّ هذا الوجوب لا يكون إلا مع العلم المؤكَّد بأنَّ هذا هو العائن، أو غلبة الظن لاسيما إذا أيَّدَتْه القرائن بأنَّ هذا هو مَن أصابه بالعين.
ومِن فوائد الحديث:
بيان عظيم قدرة الله ــ جلَّ وعلا ــ في إجراء ما أراد، حيث جَعل للعين أثَراً قوِّيًا، وجَعل ماء اغتسال العائن مُزيلًا لأثرها وضررها.
ومِن فوائد الحديث:
إباحة تأنيب مَن كانت منه أذية لأخيه بالعين، وإن كان قد جرى به القدر، وذلك لقوله ــ رضي الله عنه ــ في هذا الحديث: (( فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ ))، بل قد نصَّ الفقهاء على أنَّ للحاكم أن يَحبس مَن اشْتُهر بإصابة الناس بعينه، ومنْعِه مِن مُداخلة الناس، وسواء حبَسه في بيته أو في سِجن خاص، مع مُراعاة حاله وحال مَن يَعول مِن أهل.
وقد قال الإمام ابن قيم الجوزية ــ رحمه الله ــ: وقد قال أصحابنا وغيرُهم مِن الفقهاء: إنَّ من عُرِف بذلك حبَسه الإمام، وأجْرى ما يُنفَق عليه إلى الموت، وهذا هو الصواب قطعًا.اهـ
وقال العلامة ابن قاسم الحنبلي ــ رحمه الله ــ: ولا ينبغي أنْ يكون فيه خلاف، لأنَّه مِن نصيحة المسلمين، وكَفِّ الأذى عنهم.اهـ
أيها الناس:
امضوا في حياتكم مطمئنين غير قلِقِين مِن العين، فإنَّه لو تقصَّدَكم بها كل عائِن ولم يَكتُب الله أنْ تُصابوا بها فسيعجزون بلا ريب، لِمَا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ))، ولَمَّا ذِكَر الله السِّحر والسَّحرة في سورة البقرة وما يفعلونه مِن تفريقٍ بين الزَّوج وزوجته طمْأن عباده على الفور، فقال سبحانه: { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ }.
هذا وأسأل الله أنْ يحفظنا مِن بين أيدينا، ومِن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومِن فوقنا، ومِن تحت أرجلنا، وأنْ يُجنِّبنا كيد الكائدين، ومكر الماكرين، اللهم قوِّ إيماننا بك، وزِد في توكلنا عليك، واجعل قلوبنا مُتعلِّقة بك، اللهم ارفع الضر عن المتضررين مِن المسلمين، وأعذنا وإياهم مِن الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وباقي أهلينا، ولجميع المسلمين، اللهم قاتل اليهود والنُّصيريين والخوارج، ومِن عاونهم، ومزِّقهم شرَّ ممزق، واخذلهم في العالمين، إنك سميع الدُّعاء، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.