أخذ علوم الدنيا كالطب والحساب من كتب الكفار لا حرج فيه لأن كتبهم هذه لم يكتبوها لِمعيَّن من المسلمين حتى تدخل فيها الخيانة
قال الإمام ابن تيمية الحراني – رحمه الله – كما في “مجموع الفتاوى”(4/ 114-115) أو “الانتصار لأهل الأثر”(ص:168-170 – طبعة” دار عالم الفوائد – بتمويل: مؤسسة الراجحي):
فإنْ ذَكَرَ ما لا يتعلق بالدين، مثل الطب والحساب المحض التي يذكرون فيها ذلك، وكتب من أخذ عنهم مثل محمد بن زكريا الرازي وابن سينا ونحوهما من الزنادقة الأطباء، ما غايته انتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا، فهذا جائز، كما تجوز السكنى في ديارهم، ولبس ثيابهم وسلاحهم، وكما تجوز مفالحتهم على الأرض، كما عامل النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر، وكما استأجر النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر لما خرجا من مكة مهاجِرَيْن رجلاً من بني الديِّل هادياً خِرِّيتاً، والخِرِّيت: الماهر بالهداية، وائتمناه على أنفسهما ودوابهما، وواعداه غار ثورٍ صُبح ثالثة.
وكانت خُزاعة عَيْبَة نُصح رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمهم وكافرهم، وكان يقبل نصحهم.
وكل هذا في “الصحيحين”.
وكان أبو طالب يَنْصُر النبي صلى الله عليه وسلم ويَذُبُّ عنه مع شركه.
وهذا كثير.
فإن المشركين وأهل الكتاب فيهم المُؤتَمن، كما قال تعالى: { وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا }.
ولهذا جاز ائتمان أحدهم على المال، وجاز أن يُسْتَطَبَّ الكافر إذا كان ثقة، نص على ذلك الأئمة كأحمد وغيره، إذ ذلك من قبول خبرهم فيما يَعْلمونه من أمر الدنيا وائتمان لهم على ذلك، وهو جائز إذا لم يكن فيه مفسدة راجحة، مثل ولايته على المسلمين وعلوه عليهم ونحو ذلك.
فأخذ علم الطب من كتبهم مثلُ الاستدلال بالكافر على الطريق واستطبابه، بل هذا أحسن، لأن كتبهم لم يكتبوها لِمعيَّن من المسلمين حتى تدخل فيها الخيانة، وليس هناك حاجة إلى أحد منهم بالحياة، بل هي مجرد انتفاع بآثارهم، كالملابس والمساكن والمزارع والسلاح ونحو ذلك.اهـ