شيء من فِقه الوضوء ومسائله
الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله الذي يُحيي ويُميت، جامعِ الناس ليوم لا رَيْب فيه، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، المُكَمَّلُ الوَجِيه، والمُصطفى على جميع خليقة ربِّه، فَجَلَّ مُصْطَفِيه سبحانه، وصلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وصحابته السَّادة الأبرار، ومَن تبعهم في جميع الأزمان والأقطار.
أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:
فإنّ الصلاة عمود الإسلام، وإنَّه لا دِين لِمَن تركها، إذ صحَّ عن عمر ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( أَمَا إِنَّهُ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِأَحَدٍ تَرَكَ الصَّلَاةَ ))، وثبت عن ابن مسعود ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ ))، وبها يُعرف أهل الإسلام مِن أهل الكفر، لِمَا صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ))، وإنَّه لا صلاة بغير طهارة ووضوء، إذ الطهارة من الأحداث الصُّغرى والكُبرى مِن أعظم شروط صحتها، حيث صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ ))، وإنَّ فضْل التطهُّر للصلاة وإحسانه وِفْقَ السُّنَّة لعظيم جدًا، فقد صحَّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، فَيُصَلِّي صَلَاةً، إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِيهَا ))، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أيضًا أنَّه قال: (( مَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَصَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ، غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهُ )).
أيُّها المسلمون:
إنَّ للوضوء نواقض ومُبطلات، وإنَّ مِن نواقضه:
أوَّلًا: خروج شيء مِن القُبُل أو الدُّبُر، كالبولِ والغائط والدِّم والمَذْي والوَدْي والفُساء والضُّراط بصوتٍ أو بدونه، وهذا باتفاق العلماء، ودلَّت على أكثرها نُصوص نبويَّة صحيحة، وعديدة.
وثانيًا: ذهاب العقل ــ ولو قليلًا ــ بجنون أو سُكْر أو إغماء أو مرض أو بنْج أو دواء أو ضرْبة، وهذا باتفاق العلماء.
وثالثًا: نوم المُضطَجِع المُتمدِّدِ أو النوم المُستغرِق مِن الجالس الذي لا يَشعر بنفسه، وهو قول المذاهب الأربعة وغيرها، ودلَّت عليه أحاديث نبويَّة صحيحة.
ورابعًا: أكل لحم الإبل، لِمَا أخرج الإمام مسلم في “صحيحه”: (( أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ فقَالَ: «نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ» ))، وأمَّا شُرب لبَنِها أو مَرقِها إذا لم يكن معه فُتات لحم، فلا يَنقض الوضوء عند المذاهب الأربعة، وغيرها.
وخامسًا: مسّ الرَّجل ذَكَره أو المرأة فرْجَها باليد، وهو قول أكثر العلماء، لِمَا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَنْ مَسَّ ذَكَرَه فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَوَضَّأَ ))، وثبت عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت: (( إِذَا مَسَّتِ الْمَرْأَةُ فَرْجَهَا تَوَضَّأَتْ ))، وأمَّا مسُّ الخِصيتين أو الإليتين فلا يَنقض الوضوء عند عامة الفقهاء.
وسادسًا: خروج دَمِ الاستحاضة، وهذا باتفاق العلماء.
وسادبعًا: خروج دَمٍ كثير مِن بَدن الإنسان أو خروج قيء وطُراش مِن الفم، لِمَا ثبت عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( إِذَا رَعَفَ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ قَاءَ فَلْيَتَوَضَّأْ ))، وصحَّ عن ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ أنَّه قال: (( إِذَا رَعَفَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَيَتَوَضَّأُ )).
أيُّها المسلمون:
إنَّ مسَّ الرَّجل بَدَن المرأة مِن دون حائل، له حالان:
الحال الأوَّل: أنْ تكون المرأة أمًّا أو أختًا أو بنتًا أو خالة أو عمَّة فتُمَسَّ مِن باب الإكرام لها، والبِرِّ بها، بالتقبيل، أو بإعانة على قيام، ونحوه، أو بمُناولة كأخذ وإعطاء، فهذا المسُّ لا ينقض الوضوء.
حيث قال الحافظ ابن المُنذر ــ رحمه الله ــ: وقد أجمع كلُّ مَن حُفِظ عنه مِن أهل العلم على أنْ لا وضوء على الرَّجل إذا قبَّل أمَّه أو ابنته أو أخته إكرامًا لهنَّ وبِرًّا عند قدومٍ مِن سفر، أو مسَّ بعضُ بدنِه بعضَ بدنها عند مُناولةِ شيء إنْ ناولها.اهـ
الحال الثاني: أنْ تكون المرأة زوجتة.
والزوجة إنْ مسَّ زوجها بدَنها وهو متوضأ ودون حائل، وكان مسُّه عن شهوة انتقض وضوؤه في أرجح الأقوال، وقد ثبت عن ابن مسعود ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( الْمُلَامَسَةُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ، أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ جَسَدَ امْرَأَتِهِ بِشَهْوَةٍ فَفِيهِ الْوُضُوءُ ))، وأمَّا إذا كان المسُّ بدون شهوة فلا ينقض الوضوء عند أكثر الفقهاء، لأحاديث عدَّة، مِنها: مَا صحَّ عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت: (( فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ )).
أيُّها المسلمون:
إذا كان الإنسان قد توضأ أو كان في صلاة فشكَّ في خروج شيء من قُبُلِه أو دُبُرِه فإنَّه لا يلتفت إلى هذا الشك، باتفاق العلماء، لأنَّ مِن قواعد الشريعة: “أنَّ ما ثبت بيقين لا يزول بالشك”، حيث صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا، فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا ))، وأمَّا إذا غَلَب على ظنه خروج شيء فإنَّه يقطع صلاته، ويُعيد الوضوء، هكذا قال أهل العلم.
أيُّها المسلمون:
مَن كان لا يستطيع حِفظ وضوئه، كمَن بِه سَلَس بول، وما في معناه كجُرحٍ لا ينقطع خروج دمِه، أو ريحٍ يَستمر خروجها مِن فرْجه، فإنَّه يأخذ نفس حكم المرأة المستحاضة، يتوضأ ويصلِّي، ولا يَضُرُّه ما خرج مِنه أثناء الصلاة باتفاق العلماء.
حيث قال الإمام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ: مَن لم يُمْكِنه حفظ الطهارة مقدار الصلاة فإنَّه يتوضأ ويُصلِّي، ولا يَضُرُّه ما خرج مِنه في الصلاة، ولا ينتقِض وضَوءه بذلك باتفاق الأئمَّة.اهـ
فإذا توضأ لكل صلاةِ فريضةٍ بعد دخول وقتها، فإنَّ له أنْ يُصلِّي بهذا الوضوء فريضة الوقت، وما قبلها وبعدها مِن السُّنن الرواتب، عند أكثر الفقهاء.
وقد صحَّ: (( أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ تُصَلِّي وَالدَّمُ يَقْطُرُ مِنْهَا؛ فَيُوضَعُ لَهَا طَسْتٌ يَقْطُرُ فِيهِ الدَّمُ ))، وصحَّ: (( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ــ صَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا )).
وتضع المستحاضة قبْل الوضوء حِفاظة على فرجها حتى لا يُصيب الدَّم النازل مِنها بدنها أو ثيابها أو بُقعة صلاتها، ويَربِط المُصلِّي جُرحه بخِرقَةٍ أو شاشٍ طِبِّي أو لصْقة، ويَضع مَن بِه سَلَس بول على ذَكَرِه رِباطًا بخِرقة أو نايلون، وما شابه ذلك مِمَّا يَمنع انتشار النجاسة، وقد ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المستحاضة: (( ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لِتُصَلِّي ))، والاسْتِثْفَارُ: أَنْ تَشُدَّ المرأة ثوبًا تَحْتَجِزُ بِه على موضعِ خروج الدَّم، لِيَمْنع سيلانه على ثيابها وبدنها.
أيُّها المسلمون:
لا يجوز للجُنب أو الحائض أو النُّفساءِ أو مَن انتقض وضوؤه أنْ يَمسَّ المصحف بيدٍ أو فمٍ أو صدْرٍ أو أيِّ عضوٍ من أعضاء بدَنِه بدون حائل، وهو قول الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ والتابعين، ولا يُعرَف بينهم خِلاف في ذلك، قاله الإمام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ.
وقال الإمام السِّجزي ــ رحمه الله ــ وغيره: والفقهاء مُجمعون على أنَّ مسِّ المُحدِث إيَّاه لا يجوز.اهـ
وثبت عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنَّه قال: (( كُنْتُ أُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ــ رضي الله عنه ــ فَاحْتَكَكْتُ, فَقَالَ سَعْدٌ: لَعَلَّكَ مَسِسْتَ ذَكَرَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ, قَالَ: قُمْ فَتَوَضَّأ, فَقُمْتُ فَتَوَضَّأتُ ثُمَّ رَجَعْتُ )).
ولا يجوز للجُنب أنْ يَقرأ شيئًا مِن القرآن، لا عن نظرٍ بعين في مُصحف أو هاتف، أو غيرهما، ولا عن ظَهر قلبٍ غيبًا، حتى يغتسل مِن الجنابة، وهو قول أكثر العلماء مِن الصحابة والتابعين فمَن بعدهم، وعلى رأسهم أئمة المذاهب الأربعة، وصحَّت الفتوى بِه عن خليفتين راشدين مهدِيَّين، فصحَّ عن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ: (( أَنه كَانَ يكره لِلجُنُب أَن يقْرَأ الْقُرْآن ))، وصحَّ عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا لَمْ يُصِبْ أَحَدَكُمْ جَنَابَةٌ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَلاَ، وَلاَ حَرْفًا وَاحِدًا ))، ولا يجوز للمرأة الحائض أو النفساء قراءة القرآن لا عن ظَهر قلبٍ غيبًا، ولا بنظر في مصحف أو غيره، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء مِن الصحابة والتابعين فمَن بعدهم، حيث جاء المنع عن صحابة، فثبت عن أبي الزُّبير: (( أنَّهُ سَألَ جابِرًا ــ رضي اللهُ عنه ــ عن المرأةِ الحائضِ والنُّفساءِ هلْ تَقرأُ شَيئًا مِنَ القُرآن؟ فقالَ جابِرٌ: لا ))، ويجوز لِمَن كان على غير وضوء أنْ يَقرأَ القرآن عن ظهر قلب غيبًا باتفاق العلماء، وكذلك يجوز له أنْ يقرأه في الكمبيوترٍ أو الهاتفٍ، و { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }.
الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله على جميع آلائه، يُسدِي النِّعم، ويَغفر الزَّلل، وصلواته على أفضل الرُّسل إلى خير الأُمم، وعلى أصحابه وأتباعه وسلَّم وعظَّم.
أمَّا بعد، أيُّها المسلمون:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ــ جلَّ وعزَّ ــ باتباع أوامره، وتجَنُّب معصيته، والتفقُّه في أحكام دينه، ولزوم عبادته، وِفْق ما جاء في شريعته، فقد قال سبحانه آمرًا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }.
أيُّها المسلمون:
هذه بعض المسائل المتعلقة بصفةِ الوضوء:
الأولى: مَن نَسيَ التسمية قبْل الوضوء فإنَّ وضوءه صحيح عند عامة أهل العلم، وعلى رأسهم الأئمة الأربعة، ولا يجب عليهٍ إعادته، والتسمية مِن سُنن الوضوء لا واجباته.
والثانية: مَن نَسيَ فغسَل يده اليسرى قبل اليمنى أو قدَمه اليسرى قبلَ اليمنى فوضوءه صحيح باتفاق العلماء، ولا يجب عليه إعادته، وثبت ذلك عن علي بن أبي طالب وابن مسعود ــ رضي الله عنهما ــ مِن الصحابة، وتقديم الميامن على المياسر في الوضوء مِن السُّنن لا الواجبات عند أهل العلم.
والثالثة: الأفضل في غَسْل أعضاء الوضوء إنْ توفَّر الماء أنْ يكون ثلاثًا ثلاثًا، وهو غالب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ومَن غَسَل كلَّ عضوٍ مرَّةً مرَّة، أو مرَّتين مرَّتين أو بعض الأعضاء مرَّة، وبعضها مرَّتين، وبعضها ثلاثًا فإنَّ وضوءه صحيح، وموافقٌ للسُّنة النَّبوية، وما ثبت عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ.
والرابعة: تخليل الِّلحية في الوضوء بالماء مشروع باتفاق أهل العلم، وثبت عن جمْع مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فمَن كانت له لِحية خفيفة تُرى مِنها البَشْرة، فيجب عليه إذا توضأ أنْ يَغسِلَها مع وجهه، ويُوصِلَ الماء إلى باطنها، وعلى هذا المذاهب الأربعة، وغيرها، ومَن كانتْ لِحيته كثيفة، فإنَّه يَغسِل ظاهرها المواجِه للناس وجوبًا، ولا يجب عليه غَسل باطنها، ولا غَسل البَشْرة تحتها عند الأئمة الأربعة وجماهير العلماء مِن الصحابة والتابعين، وغيرهم، قاله النَّووي ــ رحمه الله ــ، ولكن يُستحب له عند عامة الفقهاء، تخليل باطنها بالماء، وإنْ شاء خلَّلها مع وجهه، أو إذا مسح رأسه.
هذا، وأسأل الله لي ولكم النَّفع بما سمعتم في الدنيا والآخرة، وأنْ يزيدنا فقهًا في دينه، وأنْ يجعلنا مِن العبَّاد الفقهاء لا الجُهَّال، وأن نكون مِمَّن إذا سمع العلم فرِح بِه، وانشرح له صدره، واستأنس بأهله، واستفادَ منه، اللهم ارفع الضُّر عن المتضررين من المسلمين في كل بلاد، اللهم اغفر لنا ولجميع أهلينا، اللهم مَن كان مِنهم حيَّا فزده إيمانًا بك، وإقبالًا على عبادتك، ومَن كان مِنهم ميتًا فاجعل قبره روضة مِن رياض الجنَّة، وأكرمنا وإيَّاه في الآخرة برضوانك والجنَّة والنظر إليك، وجميع المؤمنين، اللهم وفِّق ولاة أمورنا وأمور المسلمين إلى مراضيك، وأعزَّهم بالقضاء على ما يُغضبك، وارزقهم صلاح وسداد أنفسهم وأعوانهم وجُندهم، إنك سميع الدعاء، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.