ذكر الله حال التخلي والجماع لا يكره، وما يكفي منه في هذه الحال، وباللسان لم يشرعه رسول الله ولا نقل عن أحد من أصحابه
قال الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى – في كتابه الماتع النافع “الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب”(ص: 162-164 – طبعة: دار علم الفوائد، بتمويل: مؤسسة الراجحي):
قلت:
قالت عائشة:
(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه )).
ولم تستثن حالة من حالة، وهذا يدل على أنه كان يذكر ربه تعالى في حال طهارته وجنابته.
وأما في حال التخلي فلم يكن يشاهده أحد يحكي عنه، ولكن شرع لأمته من الأذكار قبل التخلي وبعده ما يدل على مزيد الاعتناء بالذكر، وأنه لا يُخِل به عند قضاء الحاجة وبعدها.
وكذلك شرع للأمة من الذكر عند الجماع أن يقول أحدهم:
(( بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان ما رزقتنا )).
وأما عند نفس قضاء الحاجة، وجماع الأهل، فلا ريب أنه لا يكره بالقلب، لأنه لا بد لقلبه من ذِكر، ولا يمكنه صرف قلبه عن ذكر من هو أحب شيء إليه، فلو كُلف القلب نسيانه لكان تكليفاً بالمحال، كما قال القائل:
يُراد من القلب نسيانُكم وتأبى الطباعُ على الناقلِ
فأما الذكر باللسان على هذه الحالة، فليس مما شَرع لنا، ولا نَدبنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نُقل عن أحد من الصحابة – رضي الله عنهم -.
وقال عبد الله بن أبي الهذيل:
(( إن الله تعالى ليحب أن يذكر في السوق، ويحب أن يذكر على كل حال، إلا على الخلاء )).
ويكفي في هذه الحال استشعار الحياء والمراقبة والنعمة عليه في هذه الحالة، وهي من أجَلِّ الذكر، فذِكر كل حال بحسب ما يليق بها، واللائق بهذه الحال التَّقنُّع بثوب الحياء من الله تعالى، وإجلالهُ وذكر نعمته عليه، وإحسانه إليه، في إخراج هذا العدو المؤذي له، الذي لو بقي فيه لقتله، فالنعمة في تيسير خروجه كالنعمة في التغذي به.اهـ
انتقاء:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.