فضل يوم الجمعة وشيء مِن سُنن صلاته
الخطبة الأولى: ــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ الأمينُ، اللهمَّ فصلِّ وسَلِّمْ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الطيِّبينَ.
أمَّا بعدُ، فيَا عبادَ اللهِ:
إنَّ يومَ الجُمُعةِ مِن أفاضلِ أيَّامِ السَّنَةِ، وأعلاها منزلةً في الإسلامِ، بل هوَ أفضلُ أيامِ الأُسبوعِ باتفاقِ العلماءِ، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ في بعضِ فضلِهِ: (( خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ )).
وهوَ يومٌ أكرمَنا اللهُ بِهِ وخَصَّنا، وأضلَّ عنهُ أهلَ الكتابِ قبلَنا، حيثُ صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: )) أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ )).
وهوَ يومُ عيدٍ لِأهلَ الإسلام، لِمَا ثبتَ أنَّ جِبريلَ قالَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: (( هَذِهِ الْجُمُعَةُ جَعَلَهَا اللَّهُ عِيدًا لَكَ وَلِأُمَّتِكَ، فَأَنْتُمْ قَبْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى )).
ومِن دلائلِ عِظَمِ يومِ الجمعةِ وكبيرِ فضلِهِ: أنَّ فيهِ ساعةَ إجابةٍ، لِمَا ثبتَ أنَّ جِبريلَ ــ عليهِ السلامُ ــ قالَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: (( هَذِهِ الْجُمُعَةُ فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ))، وهي عندَ أكثرِ العلماءِ وفي أكثرِ الأحاديثِ آخِرُ ساعةٍ بعدَ العصرِ، لِمَا ثبتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا إِلَّا آتَاهُ إِيَّاهُ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ )).
عبادَ اللهِ:
إنَّ لِشهودِ صلاةِ الجمعةٍ سُننًا وآدابًا لَهَا فضائلُ عظيمةٌ، ويَنالُ العبدُ عليها أجْرًا كبيرًا، وثوابًا جَزِيلًا، لَو لم يُحصِّلْهُ مع يُسرِهِ فقد حُرِمَ خيرًا كثيرًا.
فمِن سُنن الجمعةِ المؤكَّدةِ عندَ سائرِ الفقهاء: الاغتسالُ للجمعةِ، وأنْ يكونَ الاغتسالُ على صِفةِ غُسلِ الجنابةِ، حيثُ صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ )).
ويَبدأً أوَّلُ وقتِ هذا الغُسلِ: بطلوعِ الفجر، وأفضلُ وقتٍ لهُ: قبلَ خروجِ الرَّجلِ مِن بيتهِ لِشهودِ صلاةِ الجمعة، واتفقَ العلماءُ على أنَّ مَن اغتسلَ بعدَ صلاةِ الجمعةِ فليسَ بمُغتسِلٍ للجمعةِ، ولا للسُّنة.
ومَن لم يَتيسَّرْ لهُ الاغتسالُ للجمعةِ: فليُحسِنِ الوضوءَ لَهَا ويُسبِغْهُ، لِمَا صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ )).
وغُسلُ الجمعةِ عندَ أكثرِ العلماءِ: سُّنَّةٌ في حقِّ مَن شهدَ صلاةَ الجمعةِ مع الناسِ، ذَكرًا كانَ أو أُنثىَى، صغيرًا أو كبيرًا، لِمَا ثبتَ عن ابنِ عمرَ ــ رضيَ اللهُ عنهُما ــ أنَّه قالَ: (( إِنَّمَا الغُسْلُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الجُمُعَةُ )).
ومَن اجتمعَ في حقِّهِ غُسلانِ، غُسلُ الجنابةِ وغُسلُ الجمعةِ: فلَه أنْ يَنويَ بغُسلِهِ الجنابةَ ويُدخِلُ معهُ غُسلَ الجمعةَ عندَ عامَّةِ الفقهاء.
ومِن سُننِ الجمعةِ أيضًا: التبكيرُ إلى حُضورِها مِن أوَّلِ النهارِ، وأنْ يكونَ الإتيانُ إليها مشيًا، والجلوسُ بالقُرْبِ مِن الإمامِ، وقد ورَدَ في فضلِ هذهِ الأشياءِ معَ الاغتسالِ أجْرٌ كبيرٌ جدًّا، فصَحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا )).
وللأسفِ الشديدِ: أنَّ كثيرًا مِنَّا إنْ لم يكنْ أكثرُنا يَتأخَّرُونَ عن الجمعةِ فمَا يأتونَ إلا بعدَ صُعودِ الخطيبِ المنبر، ونحنُ بهذا التأخُّرِ نَحرِمُ أنفُسَنا أجْرَ التبكيرِ العظيم، ونُفَوِّتُ كتابةَ الملائكةِ لَنَا في الصُّحفِ، حيثُ صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ ــ أيِ: المُبكِّرِ للجمعةِ ــ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي الْبَدَنَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْبَيْضَةَ )).
ومِن سُننِ الجمعةِ أيضًا: أنْ يُنظِّفَ الإنسانُ أسنَانَهُ وفمَهُ عن الروائحِ الكريهةِ بما تيسَّرَ مِن سِواكٍ أو فُرشَاةِ أسنانٍ، وأنْ يَلبسَ للجمعةِ مِن أحسنِ ثيابِهِ وأنظفِها، وأنْ يُطيِّبَ بدَنَهُ وثيابَهُ، وإذا أتَى المسجدَ فلا يَتخطَّى رِقابَ الناسِ، وأنْ يُشغلَ نفسَهُ بِذكرِ اللهِ، وبالصلاةِ ركعتينِ ركعتينِ ما قُدِّرَ لهُ مِن عددٍ، لِمَا ثبتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاسْتَنَّ، وَمَسَّ مِنَ الطِّيبِ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ, وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ, ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ, وَلَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ, ثُمَّ رَكَعَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْكَعَ, ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ، كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا ))، وصحَّ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: (( مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ))، وصحَّ عن نافعٍ ــ رحمهُ اللهُ ــ أنَّهُ قالَ: (( كَانَ ابْنُ عُمَرَ ــ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ــ يُطِيلُ الصَّلاَةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ ))، وصحَّ أنَّ السائبَ بنَ يزيدٍ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ قالَ: (( كُنَّا نُصَلِّي فِي زَمَنِ عُمَرَ ــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ــ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَطَعْنَا الصَّلَاةَ )).
ومِن سُننِ الجمعةِ المؤكَّدةِ أيضًا: أنْ لا يَجلسَ القادمُ للجمعةِ إذا دخلَ المسجدَ حتى يُصلِّيَّ ركعتين، حتى ولو كانَ الإمامُ يخطبُ، لِمَا صحَّ أنَّهُ: (( دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «أَصَلَّيْتَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» )).
ومِن سُننِ الجمعةِ المؤكَّدةِ أيضًا: أنْ يُصلَّىَ بعد الانتهاءِ مِنها سُنَّتَها الراتبةَ في البيتِ، وهو: الأفضل، أو في المسجد، ومَن شاءَ صلَّى ركعتينِ، أو أربعَ ركعاتٍ، أو سِتَّ ركعاتٍ، لِمَا صحَّ أنَّ ابنَ عمرَ ــ رضيَ اللهُ عنهُما ــ قالَ: (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ))، وصحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: (( إِذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا ))، وثبتَ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ وأبي مُوسَى الأشعريِّ وابنِ عمرَ ــ رضيَ اللهُ عنهُم ــ أنَّهم صلَّوا بعدَ الجمعةِ سِتَّ ركعات.
ومِن صلَّى السُّنةَ الراتبةَ للجمعةِ في المسجدِ: فلا يُصلِّها حتى يتكلَّمَ أو يَخرجَ أو يَنتقلَ مِن مكانِهِ، حيثُ صحَّ عن معاويةَ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ أنَّهُ قالَ لِرجُلٍ قد سلَّمَ الإمامُ مِن الجمعةِ فسلَّمَ معَهُ ثمَّ قامَ مُباشرةً لِصلاةِ السُّنةِ الرَّاتبةِ دُون فاصلٍ بينَها وبينَ صلاة الجمعةِ: (( إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ: «أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ» ))، وإنْ تيسِّرَ للمَرءِ أنْ يتحوَّلَ عن مكانِه الذي صلَّى فيه الجمعةَ إلى مكانٍ آخَر مِن المسجدٍ ليصلِّيَ فيه السُّنةَ الراتبةَ فهوَ أفضل، لِمَا صحَّ عن عطاءٍ ــ رحمهُ اللهُ ــ أنَّهُ قالَ: (( رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ ــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ــ صَلَّى الْجُمُعَةَ، ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَكَانِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِيهِمَا خِفَّةٌ، ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَكَانِهِ ذَلِكَ فَصَلَّى أَرْبَعًا هِيَ أَطْوَلُ مِنْ تَيْنِكَ ))، و ثبتَ عن جمعٍ مِن الصحابةِ ــ رضيَ اللهُ عنهُم ــ أنَّهُم قالوا: (( لَا يَتَطَوَّعُ حَتَّى يَتَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَرِيضَةَ )).
ومِن سُننِ الجمعةِ باتفاقِ العلماءِ: أنْ يَستقبلَ الناسُ الخطيبَ إذا شَرعَ في الخطبةِ بوجُوهِهِم في أيِّ جهةٍ كانوا مِن المسجدِ، وثبتَ عن الشَّعبيِّ ــ رحمهُ اللهُ ــ وهوَ مِن تلامذةِ الصحابةِ أنَّهُ قالَ: (( مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُسْتَقْبَلَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ))، وثبتَ استقبالُ الخطيبِ: عن ابنِ عمرَ وأنسِ مِن الصحابة.
هذا وأسألُ اللهَ: أنْ نكونَ مِمَّن أحياهُ بالعلمِ والعملِ بهِ، إنَّه جوادٌ كريم.
الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمدُ للهِ، وسلامٌ على عبادِه الذينَ اصطَفَى.
أمَّا بعدُ، فيَا عبادَ اللهِ:
إنَّ مِمَّا يُستحَبُّ في الجمعةِ: أنْ يَتعاهدَ العبدُ شاربَهُ وأظفارَهُ ونحوَهُما، لِمَا صحَّ: (( أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ــ كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ ))، وأنْ يُردِّدَ الخطيبُ والناسُ خلْفَ المؤذنِ إذا أذَّنَ عندَ خطبةِ الجمعةِ، لِمَا صحَّ عن أبي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ ــ رضيَ اللهُ عنهُ ــ أنَّهُ قالَ: (( سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى المِنْبَرِ، أَذَّنَ المُؤَذِّنُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ»، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: «وَأَنَا»، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: «وَأَنَا»، فَلَمَّا أَنْ قَضَى التَّأْذِينَ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَى هَذَا المَجْلِسِ حِينَ أَذَّنَ المُؤَذِّنُ يَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ مِنِّي مِنْ مَقَالَتِي» )).
عبادَ اللهِ:
اتقوا اللهَ بالعملِ بما أمَر، واجتنابِ ما عنهُ زَجَر، وأحسِنوا بالتَّزَوُّدِ بالمُستحبَّاتِ والسُّننِ، والاستعدادِ للموتِ بمُحاسبةِ النفسِ، وتَذَكُّرِ الآخِرةِ وأهوالِها، فقد قالَ اللهُ سُبحانَهُ: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ }.{ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }.
هذا، وأسألُ اللهَ: أنْ يزيدَنا فقهًا في دِينِهِ، وعملًا بشريعتِهِ، اللهمَّ: أعنَّا على ذِكرِكَ وشكرِكَ وحُسنِ عبادَتِكَ، اللهمَّ: بارك لَنا في أعمارِنا وأعمالِنا وأوقاتِنا وأهلِينا وأموالِنا، واغفرْ لَنا ولِجميعِ المسلمينَ أحياءً وأمواتًا، ووفِّقْ للخيرِ وُلاتَنَا، إنَّك سميعُ الدُّعاءِ، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولكُم.