ثبوت المسح على الجوربين (الشُّرَّاب) عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجوازه مِن غير خلاف بينهم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد:
فإنَّ المسح على الجوربين ــ أي: الشُّرَّاب ــ جائز لأمرين:
الأمر الأوَّل:
مجيئه عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين مِن غير اختلاف بينهم.
حيث ثبت المسح على الجوربين عن:
علي بن أبي طالب، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، وأبي أمامة الباهلي، وأبي مسعود الأنصاري عقبة بن عمرو، – رضي الله عنهم -، وغيرهم.
١ ــ حيث قال الإمام إسحاق بن راهويه – رحمه الله – كما في كتاب “الأوسط” لابن المنذر (2/ 118 – بعد حديث رقم:485):
مضَت السُّنة مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَن بعدهم مِن التابعين في المسح على الجوربين، لا اختلاف بينهم في ذلك.اهـ
٢ ــ وقال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – كما في كتاب “الأوسط” لابن المنذر (2/ 118 – بعد حديث رقم:495) محتجُّا للجواز:
قد فَعله سبعة أو ثمانية مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.اهـ
٣ ــ وقال الحافظ أبو بكر ابن المنذر النيسابوري – رحمه الله – في كتابه “الأوسط في السُّنن والإجماع والاختلاف” (2/ 115 – قبل حديث رقم:477):
رُوي إباحة المسح على الجوربين عن تسعة مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وأبي مسعود، وأنس بن مالك، وابن عمر، والبراء بن عازب، وبلال، وأبي أمامة، وسهل بن سعد.اهـ
٤ ــ وقال الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في كتابه “تهذيب سُنن أبي داود ” (1/ 189 – عند حديث رقم:159 – مع عون المعبود):
قال ابن المنذر:
“رٌوي المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
علي، وعمار، وأبي مسعود الأنصاري، وأنس، وابن عمر، والبراء، وبلال، وعبد الله بن أبي أوفى، وسهل بن سعد”.
وزاد أبو داود:
“وأبو أمامة، وعمرو بن حريث، وعمر، وابن عباس”.
فهؤلاء ثلاثة عشر صحابياً.
والعُمدة في الجواز على هؤلاء – رضي الله عنهم – لا على حديث أبي قيس.اهـ
ثم قال – رحمه الله – بعد ذلك:
ولا نَعرف في الصحابة مُخالفًا لمَن سَمَّينا.اهـ
٥ ــ وقال الفقيه ابن حزم الظاهري – رحمه الله – في كتابه “المحلى بالآثار” (1/ 324 – مسألة رقم:212):
لا يُعرف لهم ممَّن يُجيز المسح على الخفين مِن الصحابة – رضي الله عنهم – مُخالف.اهـ
٦ ــ وقال الإمام مُوفَّق الدين ابن قُدامة المقدسي الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “المغني” (1/ 374) مُدلِّلًا للجواز:
ولأنَّ الصحابة – رضي الله عنهم – مسحوا على الجوارب، ولم يَظهر لهم مُخالف في عصرهم، فكان إجماعًا.اهـ
٧ ــ وقال الفقيه بدر الدين العَيني الحنفي – رحمه الله – في كتابه “البناية شرح الهداية” (1/ 608):
وقولهما قول الجمهور مِن الصحابة:
كعلي بن أبي طالب، وأبي مسعود البدري، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، وأبي أمامة البلوي، وعمر، وابنه، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن عمرو بن حريث، وسعيد، وبلال، وعمار بن ياسر، فهؤلاء الصحابة لا يُعرف لهم مُخالف.اهـ
الأمر الثاني:
بالقياس على جواز المسح على الخفين.
١ ــ حيث قال الفقيه علاء الدين الكاساني الحنفي – رحمه الله – في كتابه “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع “ (1/ 10):
لأنَّ الجواز في الخُف لدفع الحرَج، لِما يلحقه مِن المشقة بالنَّزع، وهذا المعنى موجود في الجورب.اهـ
٢ ــ وقال الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في كتابه “تهذيب سُنن أبي داود” (1/ 188 – عند حديث رقم:159 – مع عون المعبود):
وقد نصَّ أحمد على جواز المسح على الجوربين، وعَلَّلَ رواية أبي قيس، وهذا مِن إنصافه وعدله ــ رحمه الله ــ، وإنَّما عمدته: هؤلاء الصحابة، وصريح القياس.
فإنَّه لا يظهر بين الجوربين والخُفين فرْق مؤثِّر، يَصح أنْ يُحال الحكم عليه.اهـ
وكتبه:
عبد القادر الجنيد.