إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > الفقه > رسالة بعنوان: ” تبصير مريد الأضحية بحكم تشريك جميع أهل البيت في سُبع بعير أو سُبع بقرة”. ملف: [word و pdf] مع نسخة الموقع.

رسالة بعنوان: ” تبصير مريد الأضحية بحكم تشريك جميع أهل البيت في سُبع بعير أو سُبع بقرة”. ملف: [word و pdf] مع نسخة الموقع.

  • 15 سبتمبر 2014
  • 4٬313
  • إدارة الموقع

تبصيرُ مُريد الأضحية بحكم تشريك جميع أهل البيت في سُبع بعير أو سُبع بقرة

 

الحمد لله العليِّ الأعلى، عالم السِّر والنَّجوى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وعلى جميع مَن بالإيمان بالله ودِينه ورُسله تزكَّى.

وبعد، أيُّها الفُضلاء ــ سلَّمكم الله وسدَّدكم ــ:

فهذا مبحث فقهي لطيف ومُختصر عن:

«اشتراك أهل البيت الواحد في أضحية تكون سُبع بعير أو سُبع بقرة».

عسى الله ــ عزَّ وجلَّ ــ أنْ يَنفع بَه الكاتب والقارئ والناشر، إنَّه جواد كريم.

وسوف يكون الكلام عن هذه المسألة في ثلاث وقفات:

الوقفة الأولى:

عن حُكم اشتراك أكثر مِن مُضَحٍّ في ناقة أو بقرة.

يجوز أنْ يَشترك في البعير أو البقرة سَبعة مِن المُضَحِّين، ولا يجوز أكثر مِن سَبعة.

وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم.

وقد نَسبَه إليهم:

ابن عبد البَرِّ المالكي في كتابه “الكافي في فقه أهل المدينة” (1/ 420)، وموفَّق الدِّين ابن قُدامة الحنبلي في كتابه “المُغني” (13/ 363)، وأبو زكريا النَّووي الشافعي في كتابه “المجموع شرح المُهذّب” (8/ 371)، وغيرهم.

حيث قال الفقيه النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ:

«يجوز أنْ يَشترك سَبعة في بَدَنَة أو بقرة للتضحية، سواء كانوا كلَّهم أهل بيتٍ واحدٍ أو مُتفرِّقين، أو بعضهم يُريد اللَّحم فيُجزئ عن المُتقرِّب، وسواء كان أضحية مَنذورة أو تطوعًا.

هذا مذهبنا، وبِه قال أحمد، وداود، وجماهير العلماء».اهـ

قلت:

ودليل جواز هذا الإشراك هو:

القياس على الهَدي في الحج، لأنَّ الجميع نُسُكٌ بالنَّص، ويَشتركان في كثير مِن الأحكام.

وقد أخرج مسلم (1318)، عن جابر بن عبد الله ــ رضي الله عنهما ــ أنَّه قال:

(( حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ )).

وقال الفقيه علاء الدِّين الكاساني الحنفي ــ رحمه الله ــ في كتابه “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع” (5/ 70):

«ولا يجوز بعير واحد ولا بقرة واحدة عن أكثر مِن سَبعة، ويجوز ذلك عن سَبعة أو أقل مِن ذلك، وهذا قول عامَّة العلماء.

وقال مالك – رحمه الله -: يُجزئ ذلك عن أهل بيت واحد، وإنْ زادوا على سبعة، ولا يُجزئ عن أهل بيتين، وإنْ كانوا أقل مِن سبعة.

والصَّحيح قول العامَّة».اهـ

الوقفة الثانية:

عن حُكم اشتراك أهل البيت الواحد في سُبع بعير أو سُبع بقرة.

لا رَيب أنَّ الأفضل لِمُريد الأضحية عن نفسه، وعن أهل بيته، أنْ يُضحِّيَ بشاة واحدة مِن الغنم.

وقد دَلَّ على هذه الأفضلية أمور ثلاثة:

الأمْر الأوَّل:

ثبوت التشريك في الرأس الواحد مِن الغنم في الأضحية عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ــ رضي الله  عنهم ــ، بخلاف التشريك في سُبع البَدَنَة أو البقرة فلم يأت فيه حديث ولا أثَر.

1 ــ حيث أخرج مسلم (1967)، عن عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال حين ذبَح أضحيته:

(( بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ )).

2 ــ وأخرج الترمذي (1505)، وابن ماجه (3147)، وغيرهما، عن أبي أيوب الأنصاري ــ رضي الله عنه ــ أنَّه سُئل:

(( كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» )).

وصحَّحه: الترمذي، وابن العربي، وموفَّق الدِّين ابن قُدامة المقدسي، والسيوطي، والألباني.

3 ــ وجاء بسند صحيح عند عبد الرزاق في “مُصنَّفه” (8152)، عن عِكرمة ــ رحمه الله ــ تلميذ الصحابة:

(( أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ــ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ــ كَانَ يَذْبَحُ الشَّاةَ يَقُولُ أَهْلُهُ: وَعَنَّا، فَيَقُولُ: وَعَنْكُمْ )).

وقال العلامة عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين الحنبلي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “الدُّرر السَّنِية في الأجوبة النَّجدية” (5/ 406):

«وأمَّا في الفضل، فقد ذَكر العلماء: أنَّ الشاة أفضل مِن سُبع بَدنة».اهـ

الأمْر الثاني:

أنَّ التَّضحية بشاة واحدة تَقَرُّبٌ إلى الله تعالى بدمٍ كامل مُستقِل، والتَّضحية بسُبع بَدَنَة أو سُبع بقرة تَقَرُّبٌ بدمٍ مُشرَّك مُبعَّض، والقُربَة بالدَّم المُستقِل أفضل مِن القُربَة بالدَّم المُشرَّك.

الأمر الثالث:

أنَّ في ترْك التضحية عن أهل البيت الواحد بسُبع بدَنة أو سُبع بقرة، والتضحية عنهم بشاة لُزوم سبيل الاحتياط لِهذه القُربة، والخروج مِن خلاف العلماء إلى مَحل الاطمئنان للقبول والإجزاء.

وقد قال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في شرحه هلى “صحيح مسلم” (2/ 23 ــ عند حديث رقم:49):

«لكن إنْ ندَبَه على جهة النَّصيحة إلى الخروج مِن الخلاف فهو حسنٌ محبوب مندوب إلى فعله برفق.

فإنَّ العلماء متفقون على الحَث على الخروج مِن الخلاف إذا لم يَلزم مِنه إخلال بسُنَّة، أو وقوع في خلاف آخَر».اهـ

قلت:

فإنْ أشرَك الرَّجل في سُبع البعير أو سُبع البقرة أهل بيته معه، ففي الإجزاء تَردُّد شديد ونظر، والبُعد عنه أسلَم.

وذلك لأوجُه ثلاثة:

الوجْه الأوَّل:

أنَّ تشريك جميع أهل البيت في سُبع بعير أو سُبع بقرة لم يأت فيه نصٌّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولا أثَرٌ عن أصحابه ــ رضي الله عنهم ــ، وإنَّما ورَدَ عنهم في الشاة الكاملة.

فيُقتَصَر على ما ورَد في النَّص، ولا يُتجاوز.

1 ــ وقد قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ ــ رحمه الله ــ كما في “فتاويه ورسائله” (6/ 150):

«سُبع البَدَنَة لا يُجزئ إلا عن شخص واحد.

والدليل إنَّما يُطلب مِمَّن أجازه، لأنَّه المُدَّعي إجزاء السُبع عن اثنين فصاعدًا.

ولا فرْق في ذلك بين الهدايا والضحايا، ولا يَجد مدَّعِي ذلك إلى تحصيل الدليل سبيلًا، والنُّسُك عبادة مَحْضَة، والعبادات توقيفية».اهـ

2 ــ وقال العلامة عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “الدُّرر السَّنِية في الأجوبة النَّجدية” (5/ 406):

«وأمَّا مسألة التشريك في سُبع البَدنة أو البقرة، فلم أرَ ما يَدُلُّ على الجواز، ولا عدمه».اهـ

الوجْه الثاني:

أنَّ تشريك جميع أهل البيت في سُبع بعير أو سُبع بقرة لم يُنقل فِعله عن السَّلف الصالح مِن أهل القرون المُفضَّلة ــ رحمهم الله ــ.

1 ــ حيث قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ ــ رحمه الله ــ كما في “فتاويه ورسائله” (6/ 149)، عن هذا التشريك:

«ما جاء عن السَّلف فِعل ذلك، لا في الهدايا، ولا في الضحايا».اهـ

2 ــ وقال العلامة عبد الله بن محمد ابن حُميد ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “الدُّرر السَّنِية في الأجوبة النَّجدية” (5/ 408):

«أمَّا الاشتراك في سُبع البَدنة، فلم أرَ أحدًا مِن أهل العلم يقول بِه، بل أفتى الرَّملِي الشافعي وبعض فقهاء نَجْد قبْل هذه الدعوة بالمَنع.

لِمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: (( تُجزئ الشاة عن الرَّجل وأهل بيته )).

ولأنَّ الشاة دم مُستقِل، بخلاف سُبع البَدنة، فإنه شِرْكة في دم.

ولعدم مساواته لَها في العقيقة والزكاة، فحينئذ يُقتصَر على مَورِد النَّص».اهـ

الوجْه الثالث:

أنَّ سُبع البعير أو سُبع البقرة في نُسك الهَدي لا يُجزئ إلا عن نفس واحدة بالنَّص والإجماع، فكذلك في نُسك الأضحية بالقياس.

حيث أخرج مسلم (1318)، عن جابر بن عبد الله ــ رضي الله عنهما ــ أنَّه قال:

(( حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ )).

ووجْه ذلك:

أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أقام سُبع البعير وسُبع البقرة في الهَدي مقام الواحدة مِن الغنم، والواحدة مِن الغنم لا تُجزئ إلا عن نفسٍ واحدة، فكذلك السُبع في الأضحية لا يُجزئ إلا عن نفس واحدة.

فإنْ قيل:

إنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قد أقام سُبع البعير وسُبع البقرة مقام الشاة الواحدة مِن الغنم في هَدي الحج، وهَدي الإحصار.

وهذا يَدُلُّ على أنَّه مُجزِئ عمَّا تُجزِئ عنه.

فيُجاب عن هذا بثلاثة أمور:

الأمْر الأوَّل:

أنَّ حديث جابر ــ رضي الله عنه ــ نصٌ في إجزاء البعير أو البقرة عن سَبعة أنفس، وليس في التشريك في السُبع.

وعليه:

فإدخال التشريك في السُبع يُعتبر زيادة على ما ورَد في النَّص.

الأمْر الثاني:

أنَّ هذا الفَهم لا يُعرَف إعماله عن السَّلف الصالح مِن أهل القُرون الأولى، ولا نُقل تَداولُه عن المُتقدِّمين مِن أئمة الفقه وشُرَّاح الحديث، مع توافر الإبل والبقر عند الناس، حتى إنَّها عند جُموعٍ عديدة أكثر مِن الغنم.

1 ــ وقد قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ ــ رحمه الله ــ كما في “فتاويه ورسائله” (6/ 149):

«ما جاء عن السَّلف فِعل ذلك، لا في الهدايا، ولا في الضحايا».اهـ

2 ــ وقال العلامة عبد الله بن محمد ابن حُميد ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “الدُّرر السَّنِية في الأجوبة النجدية” (5/ 408):

«لم أرَ أحدًا مِن أهل العلم يقول بِه».اهـ

الأمْر الثالث:

أن سُبع البُدنة أو البقرة في نُسك الهَدي لا يُجزئ إلا عن نفس واحدة بالنِّص والإجماع، فكذلك في نُسُك الأضحية بالقياس.

ومِن باب الزيادة:

فقد قال العلامة عبد الرحمن ابن قاسم الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “حاشية الرَّوض المُربِع” (4/ 220)، بعد حديث جابر ــ رضي الله عنه ــ المُتقدِّم في التشريك في الإبل والبقر:

«وأمَّا التشريك في السُبع مِنها:

فمفهومُ هذا الحديث، وحديث (( تُجزئ الشاة عن الرَّجل وأهل بيته )) أنَّه لا يُجزِئ شِرْك في سُبع مِن بَدَنَة أو بقرة.

وجزَم بِه شيخنا، وغيره.

وتَعبير الشارع بجواز البَدَنَة عن سَبعة، لأنَّ الأصل أنَّه لا يُضحَّى بالدَّم إلا عن شخص.

فإنَّ أصل الأضحية هي فِداء إسماعيل بكبشٍ كامل، فخصَّ الشارع الشاة عن الرَّجل وأهل بيته، وضَحَّى بكبش عن محمدٍ وآل محمد، وبكبش عن أُمَّة محمد، والبَدَنَة والبقرة أولَى، دون التشريك في سُبع بَدَنَة أو بقرة».اهـ

الوقفة الثالثة:

عن الأفضل في الأضحية، وهل هو التَّضحِية بشاة كاملة، أو بسُبعٍ مِن بعير أو بقرة.

ذهب  أكثر أهل العلم إلى أنَّ الأفضل هو التَّضحِية بشاة كاملة.

وقال العلامة عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين الحنبلي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “الدُّرر السَّنِية في الأجوبة النجدية” (5/ 406):

«وأمَّا في الفضل فقد ذَكر العلماء: أنَّ الشاة أفضل مِن سُبع بَدَنَة».اهـ

وقد دَلَّ على تفضيل الشاة على سُبع البعير وسُبع البدنة أمران:

الأمْر الأوَّل:

أنَّ التضحية بالشاة كاملة هو المنقول المُستفيض عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ــ رضي الله عنهم ــ.

الأمْر الثاني:

أنَّ إراقة الدم مقصودة في الأضحية، ومَن ذبح شاة فإنَّه قد انفرَد بالتَّقرُّب بإراقة الدم كلِّه، بخلاف المُضحِّي بسُبع بعير أو سبُع بقرة فهو مُتقرِّب بدم مُشرَّك.

1 ــ وقال الفقيه زَين الدِّين المُناوي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “فيض القدير شرح الجامع الصغير” (3 / 469 ــ رقم:4000):

«قوله: (( خَيْرُ الأُضْحِيَةِ الكَبْشُ الأَقْرَنُ )) ما له قَرْنان حسَنان، أو معتدلان.

وتمسَّك بهذا مالك في ذهابه إلى أنَّ التضحية بالغنم أفضل مِن الإبل والبقر.

وخالفه الشافعي وأبو حنيفة كالجمهور.

وتأوَّلوه: على تفضيل الكبْش على مساويه مِن الإبل والبقر، فإنَّ البَدَنَة أو البقرة تُجزئ عن سَبعة.

فالمُراد: تفضيل الكبْش على سُبُع واحدةٍ مِنهما، أو تفضيل سَبعٍ مِن الغنم على بَدَنَة أو بقرة، ذَكره أبو زُرعة».اهـ

2 ــ وقال الإمام موفَّق الدِّين ابن قُدامة الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُغني” (13/ 366):

«فأمَّا التَّضحية بالكبش، فلأنَّه أفضل أجناس الغنم، وكذلك حصول الفِداء بِه أفضل.

والشاة أفضل مِن شِرْكٍ في بَدَنَة، لأنَّ اراقة الدَّم مقصودة في الأضحية، والمُنفرِد يَتقرَّب بإراقته كلِّه.

والكبش أفضل الغنم، لأنَّه أُضحِية النَّبي صلى الله عليه وسلم، وهو أطيب لحمًا».اهـ

3 ــ وقال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المجموع شرح المُهذَّب” (8/ 368) عقب قول الشِّيرازي [ والشَّاة أفضل مِن مشاركة سَبعة في بَدَنَة أو بقرة، لأنَّه يَنفرِد بإراقة الدم، والضَّأن أفضل مِن المَعز ]:

«التضحية بشاة أفضل مِن المشاركة بسُبع بَدَنَة أو سُبع بقرة بالاتفاق، لِما ذَكره المُصنِّف».اهـ

4 ــ وقال الحافظ ابن حَجَر العسقلاني الشافعي ــ رحمه الله في كتابه “فتح الباري شرح صحيح البخاري” (10/ 10):

«ومَن ثمَّ قال الشافعية: إنَّ الأضحية بسَبع شياهٍ أفضل مِن البعير، لأنَّ الدم المُراق فيها أكثر، والثواب يزيد بحسبه».اهـ

قلت:

وقال بعض فقهاء الحنفية ــ رحمهم الله ــ بخلاف ذلك، وجعلوا الأفضلية في الأكثر لحمًا.

1 ــ حيث قال الفقيه أبو بكر الحدادي الزَّبِيدِي الحنفي  ــ رحمه الله ــ في كتابه “الجوهرة النَّيِّرة على مختصر القدوري” (1/ 163)، في باب القِران:

«فإنْ قِيل: فمَا الأفضل سُبُع بَدَنَة أو شاة.

قِيل: أيُّهُما كان أكثر لَحمًا فهو أفضل، لأنَّ بالكثرة يَكثر نَفع المساكين».اهـ

1 ــ وجاء في كتاب “دُرَر الحُكَّام شرح غُرر الأحكام” (1/ 235)، مِن كتب الحنفية:

«[ قوله: وذَبح لِلقِران ] أيْ: شَاة أو سُبُع بَدَنَة.

والاشتراك في البقرة أفضل مِن الشَّاة، والجَزُور أفضل مِن البقرة، كما فِي الأضحية، كذا في “البَحر”، ويُقَيَّد بِما إذا كانت حِصَّتُه مِن البقرة أكثر قِيمة مِن الشَّاة، كما هو في “منظومة ابن وهْبَان”».اهـ

ورُدَّ عليهم:

بأنَّ المُراد مِن الأضحية إراقة الدم تقرُّبًا إلى الله تعالى، وأمَّا اللحم فجاء تبعًا، ولهذا يُؤكل مِنه ويُهدى ويُتصدق، والشاة تقرُّب بدم مُستقل، والسُّبع تقرُّب بدم مُشتَرك فيه.

 

وكتبه:

عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.