إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > الخطب المكتوبة > خطبة مختصرة مكتوبة لعيد الأضحى بعنوان: ” خطبة العيد الثاني للمسلمين عيد الأضحى “.

خطبة مختصرة مكتوبة لعيد الأضحى بعنوان: ” خطبة العيد الثاني للمسلمين عيد الأضحى “.

  • 27 يوليو 2020
  • 3٬314
  • إدارة الموقع

خطبة العيد الثاني للمسلمين عيد الأضحى

 الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــ

 [ الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر. ]

الحمد لله مُعيدِ الجُمَعِ والأعياد، ومُبيدِ الأُمَمِ والأجناد، وجامعِ الناسِ يومَ التَّنَاد، وصلاتُه وسلامُه على المبعوث رحمةً لِجميعِ العِباد، وعلى آله والأصحاب.

أمَّا بعد، أيُّها المسلمون:

فاتقوا اللهَ حقَّ التقوى، فقد قال سبحانه آمرًا لَكُم ومُبشِّرًا: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }، واعلموا أنَّ تقواه إنَّما تكونُ بفِعلِ الحسناتِ، وترْكِ الخطيئاتِ، قبل انصِرامِ العُمُر، وفواتِ أوقاتهِ وساعاته، وحُلولِ الموتِ والقيامة: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا }، فأودِعوا فيما بقِيَ مِن أيامِكم  أعمالًا صالحةً كثيرة تسُرُّكم بعد الموت، يومَ يُقالُ لِمَن أحسَنَ: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي }، واحذروا أنْ تُودِعوها الأعمالَ التي تَضُرُّكم، يومَ يقولُ المُفرِّطُ مُتحسِّرًا: { رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ }.

أيُّها المسلمون:

احذروا الوقوعَ في الشِّرك بالله، بِصرفِ شيءٍ مِن العِبادة لغيره، كدُعاءِ الأنبياءِ أو الأولياء، فإنَّ الشركَ أعظمُ ذنْبٍ، ولا يَغفرُه لِمَن ماتَ عليه، وحابطةٌ بسببِهِ جميعُ طاعات صاحبه، وقد قال الله تعالى مُتوعِّدًا فاعِلَه: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ }، واحذروا الحَلِفَ بغير الله، كالحلِفِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم أو الكعبةِ أو الشَّرفِ أو غيرِ ذلك، فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ))، واسلكوا سبيلَ السَّلفِ الصالح، ولا تتفرَّقوا في الدِّين إلى أحزابٍ وجماعاتٍ وطُرُقٍ صوفيه، فقد توعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم أهلَ التفرُّقِ، فقال: (( لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ )).

وإيَّاكُم وإحداثَ البِدعِ في الدِّين أو فِعلَها أو دعوةَ الناس إلى فعلِها أو نشرَها بينَهم، فإنَّ البِدعةَ مِن المُحرَّمات الشديدة، بل إنَّها أعظمُ مِن المعاصي، وقد صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصيته الوداعية آمِرًا لكُم وزاجِرًا: (( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسَنَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، فَتَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوًا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ))، والبِدعة هي: كلُّ ما أُحْدِثَ في الدِّين بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم واكتمالِ الشرعِ بوفاتهِ مِن الاعتقادات أو الأقوالِ أو الأفعال التي يُتقرَّبُ إلى الله بِها ويُبتَغَى الأجْرُ والثوابُ مِن فِعلها.

وكُفُّوا عن مشاهدةَ المُحرَّماتِ عبْرَ الفضائياتِ وبرامج التواصل، ومواقعِ الإنترنت، والمسارحِ والسِّينمات والطُّرقات، وتجنَّبوا الغِشَ والخِداعَ والتدليسَ والتغريرَ في البيع والشراء، ولا تتشبَّهوا بأهل الكفر في عاداتهم وألبستِهم وقصَّاتِ شعورهم، وابتعدوا عن الكذب والغِيبة والنميمة والظُلم والعُدوان والبَغْي والفجورِ في الخصومات، واتركوا أذيِّةَ الناسِ في أبدانهم وأموالهم وأعراضِهم وبيوتهم وطُرقاتهم ومراكبهم وبلدانهم، واعلموا أنَّ الذُّنوبَ مِن شِركياتٍ وبِدعٍ ومعاصٍ شرٌّ وضَررٌ عظيم عليكم في الدنيا والقبورِ والآخِرة، وإنَّها لتُؤثِّرُ في أمْن البلاد، وتُؤثِّرُ في رخائِها واقتصادها، وتُؤثِّرُ في قلوب أهلها، وتُؤثِّرُ في وحْدَتِهم وأتلافِهم، وإنَّ ما يُصيبُ الناسَ مِن المصائب العامَّةِ أو الخاصَّة، الفرديةِ أو الجماعية، فإنَّه بما كسبتْ أيديهِم، هُم سَبَبُه، وهُم أهلُه، هُم سَببُه حيث فعلوا ما يُوجِبُه مِن الشركيات والبِدع والمعاصي، وهُم أهلُه حيث كانوا مُستحقين له، وقد قال سبحانه مُخبِرًا ومُهدِّدًا: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }، وقال تعالى: { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }.

أيُّها المسلمون:

إنَّ الأضحيةَ مِن أعظمِ شعائر الإسلام، والنُّسُكُ العامُّ في جميع الأمصار، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: (( ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ ))، ولم يأت عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه ترْك الأضحية قط، فلا يَنبغي لِمُوسِرٍ ترْكُها.

ولا تُجزأ إلا مِن: الإبلِ والبقر والضأن والمَعز، ذكورًا وإناثًا، كِباشًا ونِعاجًا، تُيوسًا ومَعزًا، وجاموسًا، ولا يُجزئ مِن الإبل والبقر والمَعز إلا الثَّنِيُّ فما فوق، وهو مِن المَعز: ما أتمَّ سَنَة ودخل في الثانية، ومِن البقر: ما أتمَّ سنتين ودخل في الثالثة، ومِن الإبل: ما أتمَّ خمسَ سِنين ودخلَ في السادسة، ولا يُجزئ مِن الضَّأن إلا الجَذَع فما فوق، والجَذَعُ: ما أتمَّ سِتَّة أشهر، ودخل في الشهر السابع فأكثر.

واعلموا أنَّ السُّنَّة في الأضحية أنْ تكون سليمةً مِن العيوب، فلا يجوز عند جميعِ العلماءِ أو أكثرِهم: العمياءُ والعوراءُ البيِّنُ عوَرُها، والمريضةُ البيِّنُ مرَضُها، ومقطوعةُ أو مكسورةُ الرِّجلِ أو اليدِ أو الظهر، والمشلولةُ، والعرجاءُ البيِّنُ عرَجُها، والهزيلةُ الشديدةُ الهُزال، ومقطوعةُ الأُذُن كلِّها أو مقطوعةُ أكثرِها أو التي خُلِقَت بلا أُذُنين، والتي لا أسْنانَ لها، والجَرْباءُ، ومقطوعةُ الإلْيَة.

وهناك عيوبٌ لا تُؤثِّرُ في صِحَّة وإجزاء الأضحية: كالأضحيةِ بما لا قَرْنَ له خِلقةً، أو بمكسورِ القَرْن، والمَخْصِيِّ مِن ذُكور الأضاحي، وما لا ذنَبَ له خِلْقةَ، وكذا القطعُ اليسيرُ أو الشَّقُ أو الكيُّ في الأُذُن.

والسُّنَّة عند أكثر العلماْ أنْ يَتصدَّق المُضحِّي بالثلثِ مِن لَحم أضحيتِه للفقراء، ويُهدي الثلثَ لِمَن شاء، ويأكل هو وأهله الثلث، لثبوت ذلك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذَكرَه بعضُ الأئمَّةِ إجماعًا مِن الصحابة.

والسُّنَّة عند ذبحِ الأُضحيةِ أنْ تُوَجَّهَ إلى القِبلة، ويقول الذابح عند إضْجَاعِها: “بسم الله، والله أكبر، اللهم مِنكَ ولكَ، اللهم تقبَّل مِن فلانٍ وآل بيته”، هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أصحابِه.

واذكروا الله كثيرًا لعلَّكم تفلحون.

الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــــ

[ الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر. ]

الحمدُ لله، وسلامٌ على المُرسَلين، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

أمَّا بعد، أيُّها المسلمون:

فلقد كان نَبيُّكم صلى الله عليه وسلم يَعظُ النساءَ في صلاة العيد بعدَ الرِّجال، ألَا فاتَّقِينَ اللهَ معاشِرَ النساء بحفظِ حدودَه، والعملِ بأوامِره، واجتنابِ ما زَجرَ عنه، وقُمنَ بحقوق أزواجِكُنَّ وأبنائِكُنَّ وبناتِكُنَّ خيرَ قيام، واحذرنَ أنْ تَنجرِفْنَ إلى ما تَفعلُه بعضُ النساءِ اليومَ مِن الخروج مُتبرِّجاتٍ مُتجمِّلاتٍ مُتطيِّبات، قد كَشفنَ عن وجوهِهنَّ وشُعورِهنَّ ونُحورِهنَّ وسِيقانِهنَّ، ولبِسْنَ ألبسَةً ضيِّقةً تُجسِّد وتُفصِّل أعضاءَ البَدَن، فإنَّ ذلك مِن المُحرَّمات الكُبرى، إذ صحَّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ))، وأكثِرنَ الصدقةَ، واحذَرْنَ اللَّعنَ للأهلِ أو الرِّفقةِ أو الأباعد، وابتعِدْنَ عن مُقابلةِ إحسانِ الأزواجِ لكنَّ بالجُحود والكُفران، فإنَّ اللعن وكُفرانَ الإحسانَ مِن أسبابِ كثْرةِ دخولِ النساءِ النَّار، حيث صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على النساء في مُصلَّى العيد فقال: (( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّار، فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ ))، والعَشير هو: الزوج.

أيُّها المسلمون:

إنَّ التهنئةَ بالعيد بطيِّبِ الكلامِ قد جَرى عليها عملُ الصحابةِ الكِرام، حيث ثبَت أنَّهم كانوا: (( إِذَا الْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ ))، واعلموا أنَّ السُّنَّةَ لِمَن خرجَ إلى مُصلَّى العيدِ مِن طريقٍ أنْ يَرجعَ مِن طريقٍ آخَر، لِمَا صحَّ أنَّ: (( النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ )).

أيُّها المسلمون:

إنَّ هذه الجُمعةَ قد وافقت يومَ عيدِ الأضحى، وإنَّ السُّنَّةَ أنْ يُقيمَ الإمامُ بالناس صلاةَ الجمعةِ وخطبَتَها، وهو مذهبُ الأئمةِ الأربعة، وغيرِهم، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُقيمُ الجمعةَ بالناس في يوم العيد، كما في “صحيح مسلم”، وأقامَها أيضًا الخليفةُ الراشدُ عثمان ــ رضي الله عنه ــ بمَحضَرِ الصحابة، كما في “صحيح البخاري”، وأمَّا المأمومونَ الذين صَلَّوا العيدَ مع الإمامِ، فالمُستحَبُ في حقِّهم أنْ يَشهدوا الجُمعة، فإنْ لم يَحضُروها فلا جُناحَ عليهم، ويُصلُّونَ في بيوتهم أربعَ ركعاتٍ ظُهرًا، وأمَّا مَن لم يَشهد صلاة العيد مع الإمام، فيجب عليه أنْ يَشهدَ صلاة الجمعة.

أيُّها المسلمون:

إنَّ طوائفَ مِن النَّاس قد جعلوا العيدَ موسمًا لِزيارةِ المقابرِ والجلوسِ فيها، والتَّجمُّعِ عندها، وقراءةِ الفواتحِ لأهلها، فمَا إنْ يَنتهوا مِن صلاة العيد إلا ويَتوجَّهون إليها، ولا يُعرف هذا الفِعل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابِه، ومَن بعدَهم، ولا عن أئمةِ المذاهبِ الأربعة، وإنَّما جاءتنا هذه العادةُ عن الشيعةِ الرافضة، وتلقَّاها عنهم الصُّوِفية، ونشروها بين عوامِّ  أهلِ السُّنةِ وبلادِهم.

هذا وأسألُ اللهَ أنْ يُعينَنا على الاستمرار على طاعته إلى الوفاة، وأنْ يَقيَنا شرَّ أنفسِنا، وشرَّ أعدائِنا، وشرَّ الشيطان، اللهم ادفع عنَّا هذا الوباء، وارفع الضُّرَ عن عبادِكَ المؤمنين، وأكرِمنا وجميعَ أهلينا برضوانك والجنَّة، إنَّك سميع الدعاء، وأقول هذا، وأستغفر الله لي ولكم.