إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > الفقه > رسالة مختصرة بعنوان: ” كلام أئمة أهل العلم والفقه فيما يقوله المأموم في مواطن الثناء من دعاء القنوت “. ملف: [ pdf ] مع نسخة الموقع.

رسالة مختصرة بعنوان: ” كلام أئمة أهل العلم والفقه فيما يقوله المأموم في مواطن الثناء من دعاء القنوت “. ملف: [ pdf ] مع نسخة الموقع.

  • 1 مايو 2021
  • 5٬061
  • إدارة الموقع

كلام أئمة أهل العلم والفقه فيما يقوله المأموم في مواطن الثناء مِن دعاء القنوت

 

الحمد لله الكريم الرحمن، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للإنس والجان، وعلى آله وأصحابه وسائر أهل الإسلام والإيمان.

أمَّا بعد، فيا أيَّها الأخ المِفضال ــ زادك الله في الفقه واﻹحسان ــ:

إنَّ بين يديك وناظريك جزءًا صغيرًا عن:

«الذي يقوله المأموم في مواطن الثناء مِن دعاء القنوت».اهـ

ذَكرت فيه ما وقفت عليه مِن كلامٍ لأهل العلم والفقه ــ أكرمهم الله بالجنَّة والرِّضوان ــ حول هذه المسألة.

ومِن أمثلة الثناء على الله تعالى في دعاء القنوت:

1 ـــ قول اﻹمام في دعاء قنوته:

(( إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ )).

2 ـــ وقوله أيضًا:

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ…)).

هذا وأسأل الله العلِّي العظيم أنْ ينفعني وإيَّاك به، وبما سَتقرأ فيه، إنَّه سميع الدعاء.

ودونك ــ سدَّدك الله ــ هؤﻻء العلماء الفقهاء، مع أسمائهم، ونصِّ كلامهم، ومكانه، ومرجعه:

أوَّلًا ــ قال الإمام أبو داود السجستاني ــ رحمه الله ــ في “مسائله” (475):

«ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺣﻤﺪ ــ يعني: ابن حنبل ــ ﺳُﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﻘﻨﻮﺕ؟

ﻓﻘﺎﻝ: اﻟﺬﻱ ﻳُﻌﺠﺒﻨﺎ أنْ ﻳَﻘﻨﺖ اﻹﻣﺎﻡ، ﻭﻳﺆﻣِّﻦ مَن ﺧﻠْﻔﻪ، ﻗﻴﻞ ﻷﺣﻤﺪ: ﻗﺎﻝ: (( اﻟﻠﻬﻢَّ ﺇﻧَّﺎ ﻧﺴﺘﻌﻴﻨﻚ ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻙ )) ﻳﻘﻮﻝ مَن ﺧﻠْﻔﻪ: ﺁﻣﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ: ﻳﺆﻣِّﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟتأﻣﻴن».اهـ

ــــ وقال الفقيه أبو عبد الله بن مُفلح الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “الفروع” (1/ 542):

«وعنه: في الثناء، (وش)، وعنه: يُخيَّر».اهـ

ــــ وقال الفقيه أبو إسحاق بن مُفلح الحنبلي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُبدِع في شرح المُقنِع” (2/ 15):

«وعنه: يُتابعه في الثناء، ويؤمِّن على الدعاء، وعنه: يُخيَّر».اهـ

والمُراد بقولهما: “وعنه”.

أي: وعن الإمام أحمد بن حنبل ــ رحمه الله ــ.

ثانيًا ــ قال اﻹمام محمد بن نَصر المَروزي ــ رحمه الله ــ كما في كتاب “مُختصر الوتر” (ص:150):

«وهذا الذي أختار:

أنْ يسكتوا حتى يَفرغ اﻹمام مِن قراءة السورتين، ثم إذا بلغ بعد ذلك مواضع الدعاء أمَّنوا».اهـ

ــــ وقد نَقل ــ رحمه الله ــ قبل كلامه هذا، عن معاذ القاري ــ رحمه الله ــ أنَّه قال في قنوته:

(( اللهمَّ قحط المطر فقالوا: آمين، فلمَّا فرَغ مِن صلاته قال: قلت: اللهمَّ قحط المطر، فقُلتم: آمين، أﻻ تسمعون ما أقول، ثم تقولون: آمين )).

ثالثًا ــ قال الفقيه أبو إسحاق الشِّيرازي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المُهذَّب في فقه الإمام الشافعي” (1/ 155):

«ويُستحب للمأموم أنْ يؤمِّن على الدعاء، لِمَا رَوى ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ قال: (( قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يؤمِن مَن خلْفه )).

ويُستحب له أنْ يُشاركه في الثناء، لأنَّه لا يَصلح التأمين على ذلك فكانت المشاركة أولَى».اهـ

رابعًا ــ قال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “المجموع شرح المُهذَّب” (3/ 418):

«ﻳُﺆمِّن ﻓﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎﺕ اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺩﻋﺎء.

ﻭﺃﻣَّﺎ اﻟﺜﻨﺎء، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ: (( فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ )) ﺇﻟﻰ ﺁﺧِﺮﻩ.

ﻓﻴﺸﺎﺭﻛﻪ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﻭ ﻳَﺴﻜﺖ، ﻭاﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺃﻭﻟَﻰ، ﻷﻧَّﻪ ﺛﻨﺎء ﻭﺫِﻛﺮ ﻻﻳَﻠﻴﻖ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ».اهـ

يعني: يُشاركه سِرًّا.

ذَكر ذلك:

ابن علان في “الفتوحات الربانية”، وزكريا الأنصاري في “الغرر البهية” مِن فقهاء الشافعية ــ رحمهم الله ــ.

ــــ وقال الفقيه البكري الدمياطي الشافعي ــ رحمه الله ــ في كتابه “إعانة الطالبين على حَلّ ألفاظ فتح المعين” (ص:189):

«قوله: [ فيقول سِرًّا ] أي أو يقول: أشهد، أو: بلى وأنا على ذلك مِن الشاهدين، أو نحو ذلك، أو يَستمع، والأوَّل أولَى».اهـ

خامسًا ــ قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واﻹفتاء برئاسة شيخنا العلامة عبد العزيز ابن باز، وعضوية الفقيه عبد الله الغُديَّان ــ رحمهما الله ــ كما في “مجموع فتاوى اللجنة” (7/ 48):

«ﻳُﺸﺮﻉ اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﻨﻮﺕ، ﻭﻋﻨﺪ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﻜﻔﻴﻪ اﻟﺴﻜﻮﺕ، ﻭﺇﻥْ ﻗﺎﻝ: ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ ﺃﻭ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻓﻼ ﺑﺄﺱ».اهـ

وقالت اللجنة الدائمة أيضًا (7/ 185):

«يؤمِّن المأموم على دعاء اﻹمام، ويُثنِي على الله سبحانه إذا أثنَى إمامُه على الله أو يُنصِت».اهـ

ومِمَّن وقَّع على هذه الفتوى:

عبد العزيز بن باز، وعبد الرزاق عفيفي.

سادسًا ــ قال العلامة محمد ناصر الدِّين الألباني ــ رحمه الله ــ:

«يؤمِّن في موضِع الدعاء، ويَسكت في موضع الثناء على الله».اهـ

نقلَه لي عنه مُباشرة:

الأخ عبد الله بن ناصر الدوسري ــ سلَّمه الله ــ ، وهو مِمَّن لهم صِلة وثيقة بالشيخ ــ رحمه الله ــ، وقُرْب مِنه.

سابعًا ــ قال العلامة محمد بن صالح العثيمين ــ رحمه الله ــ

«فإذا ورَد ثناء على الله ــ عزَّ وجلَّ ــ في قنوت الوتر، وقال المأموم: “سبحانك”، فلا بأس».اهـ

نقلًا:

عن كتاب بعنوان: “جلسات رمضانية لابن عثيمين”.

ــــ وقال أيضًا كما في شريط صوتي مُسجِّل سمعته بنفسي وهو يَقرأ هذا السؤال:

«في دعاء القنوت إذا كان الإمام يُثنِي على الله، فماذا يقول المأموم؟.

يقول: سبحانه، أو جلَّ وعلا، وما أشبَه ذلك، ولو سَكت فلا بأس، لكن كونه يُسبِّح يكون أدْعَى للمتابعة».اهـ

ثُمَّ قال ــ رحمه الله ــ:

«كان الناس يفعلونه في عهد مشايخنا ــ رحمهم الله ــ، ولا سمعنا أحدًا يَنهى عنه،.

فلعلَّهم يقولون: إنَّ هذا قد يكون أدْعَى للخشوع، مع أنِّي أنا أُفَضِّل أنْ يكون سِرًّا، لكن ما أستطيع النَّهي عنه».اهـ

ثامنًا ــ قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان ــ سلَّمه الله ــ في بيان له بتاريخ (15/ رمضان/ 1432 هـ)، ونُشر في جريدة المدينة ردًّا على أحدهم:

«يقول هؤﻻء اﻹخوة:

إنَّ قول “سبحانك” بعد كلِّ جُملة معناه: تنزيه الله عمَّا جاء فيها، هكذا بلغَني عنهم.

أقول: ليس لهذا الاستنكار وجْه، لأمرين:

اﻷمر اﻷوَّل: أنَّ قول “سبحانك” ثناء على الله تعالى، والله تعالى أمَر بتسبيحه، فقال: { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }، وقال: { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ }.

فالتسبيح مِن أنواع الذِّكر لله، فالمأموم إذا قاله إنَّما يَذكر الله بِه حينما يُثنِي اﻹمام بهذه اﻷلفاظ على الله سبحانه، فهو ذِكرٌ ابتدائي ليس تنزيهًا لله عمَّا قاله اﻹمام.

الأمر الثاني: وحتى لو قلنا إنَّه تنزيه لله، فإنَّه يعود إلى تنزيه الله عن ضدِّ ما قاله اﻹمام.

فإذا قال: (( لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ )) فمعناه: تنزيه الله عن أنْ يُذِل مَن والاه أو يُعِز مَن عاداه.

وكذلك في قوله: (( إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ )) فإنَّ التسبيح معناه: تنزيه الله مِن أنْ يُقضَى عليه.

فينبغي التَّنبُّه لذلك، وعدم التَّسرُّع في اﻹنكار قبل التَّثبت.

وفقَّ الله الجميع وصلَّى الله على نبينا محمد».اهـ

تاسعًا ــ قال لِي شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي ــ سلَّمه الله ــ حين سألته في (5/ رمضان/ 1434هـ):

«لا أعرف في ذلك حديثًا، ولكن إذا سبَّح فليُسبِّح في نفسه».اهـ

عاشرًا ــ سُئل العلامة أحمد بن يحيى النَّجمي ــ رحمه الله ــ عن ذلك فقال:

«يسكت أو يُسبِّح».اهـ

نقله لِي عنه في حياته أحد طلابه، وزاد:

«وكأن الشيخ يُفضِّل السكوت على التسبِيح».اهـ

حادي عشر ــ قال العلامة زيد بن محمد هادي المدخلي ــ  رحمه الله ــ:

«الأمر في هذا واسع، إنْ شاء أمَّن، لأنَّ التأمين تمجيد، وإنْ شاء سبِّح الله ونزَّهه، وإنْ شاء سكت».اهـ

نقله لِي عنه في حياته أحد طلابه، حيث طلبت مِنه سؤال الشيخ فأجابه بهذا الجواب.

ثاني عشر ــ قال العلامة عبد المُحسن بن حمد العبَّاد ــ سلَّمه الله ــ:

«له أنْ يقول: “سبحانك”، وله أنْ يَسكت».اهـ

كتبه لِي أحد تلامذته، حين سألته عن قول الشيخ في هذه المسألة.

ثالث عشر ــ أمْلَى عليَّ شيخنا العلامة عُبيد بن عبد الله الجابري ــ رحمه الله ـ هذا الكلام حين سألته في (5/ رمضان/ 1434هـ):

«يَبدو لي أنَّ اﻷمْر فيه سَعة، فإنْ شاء المأموم سبَّح، وإنْ شاء سَكت، وحتى هذه الساعة لا أعلم ورُود شيء في السُّنَّة في ذلك».اهـ

وخلاصة ما تقدَّم نقْلُه عنهم:

أنَّ مِنهم مَن قال: هو مُخيَّر إنْ شاء سكت، وإنْ شاء سبَّح.

ومِنهم مَن قال: يَسكت.

وزاد بعضهم: وإنْ شاء أمَّن.

ومِنهم مَن قال: إنْ شاء سكت، وإنْ شاء تابعه في الثناء.

 

جمعه ورتَّبه:

عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.