إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > المقالات > الفقه > خطبة مكتوبة بعنوان: ” عيد الحب لا يصلح لكم يا أهل الإسلام والقرآن “. ملف [word] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” عيد الحب لا يصلح لكم يا أهل الإسلام والقرآن “. ملف [word] مع نسخة الموقع.

  • 10 فبراير 2022
  • 2٬632
  • إدارة الموقع

 

عيد الحب لا يصلح لكم يا أهل الإسلام والقرآن

عيد الحُب لا يصلح لكم يا أهل الإسلام والقرآن

الخطبة الأولى:ـــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ لله خالقِ الإنس والجَان، أحمدُه على ما مَنَّ بِه مِن الإيمان، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالقرآن، ، فصلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحابتِه السَّادةِ الأعيان.

أمَّا بعدُ، فيا أهلَ الإسلامِ والقرآن:

إنَّ أعظمَ نِعمةٍ وُفِّقتُم لَهَا أنْ هَداكُم ربُّكم لاعتناقِ دِينِه الإسلام، وأكرمَكُم فكُنتم مِن أهلِ الإيمان، وجمَّلَكم فعمِلتُم بشريعتهِ إلى انقضاء الآجال، وقد قال ــ عزَّ وجلَّ ــ مُمتنًّا: { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ }، وصحَّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال مُبشِّرًا: (( أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ أَوِ الْعَجَمِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ ))، فاعرِفوا قدْرَ نِعمةِ الإسلام، واستَمسِكوا بِه ما عِشتُم، والهَجُوا بشُكرِ ربِّكم عليه كثيرًا، وكونوا بِه فرِحين، ولأحكامِه مُتعلِّمين وعامِلِين، وفي إصلاحِه مِن النَّشِطِينَ السَّبَّاقين، ولَهُ مُقْوِينَ لا مُضعفين، وفيه مُحسنِينَ لا مُسيئين، واحمدَوا اللهَ واشكُروهُ كثيرًا أنْ كَرَّهَ الكُفرَ إلى أنفُسِكُم، وحَبَّبَ إليها الإيمان، وزَيَّنَهُ في قلوبِكم، حيث قال سبحانه مُمتنًّا: { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ }، واعلموا أنَّ أهلَ الكُفرِ والنِّفاق ليَحسُدونَكُم أشدَّ الحسدِ على نِعمةِ الهدايةِ للإسلام، والعملِ بشريعة الإيمان، وخاتِمَةِ أنْ تكونوا مِن أهلِ الجِنان، ويَسعون شديدًا في صَرْفِكم عنها، وإخراجِكم مِنها، بما يستطيعونَ مِن سُبلٍ وأقوالٍ وفِعال، وترهيبٍ وترغيب، وتشكيكٍ وتلبيس، وخِداعٍ ومِكْرٍ وكَيد، وقد نبَّأنَا ربُّنا وربُّهم ــ تباركَ وتقدَّس ــ بذلك، فقال في شأن المنافقين: { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }، وقال عن أهل الشِّرك: { وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }، وقال عن اليهود والنَّصارى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ }، فاعتزُّوا بالإسلامِ كثيرًا، وارفعُوا رُؤوسَكُم بِأحكامِه عاليًا، وطِيبوا نفسًا بتشريعاتِه دَومًا، وزِيدوا لَهَا حُبًّا وطُمأنينةً وانقيادًا وتمسُّكًا، فهذا بابُ عِزِّكُم ومَجدِكُم، وسبيلُ قُوَّتِكُم وائتلافِ قلوبِكُم، ولا يأتِيكمُ الذُّلُّ والصَّغارُ مِن جهتِه أبدًا، وقد صحَّ أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ ــ رضي الله عنه ــ قال: (( إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ فَأَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا نَطْلُبُ الْعِزَّةَ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِهِ أَذَلَّنَا اللَّهُ )).

أهلَ الإسلامِ والقرآن:

إنَّ الناسَ بالإسلامِ وتشريعاتِه مُحتاجونَ إليكُم في أمْرِ آخرتِهم وتمامِ دُنياهُم شديدًا، فلا تَبخلوا بدعوتِهم إليهِ وإلى أحكامِه وتشريعاتِه دومًا، إصلاحًا للبلدانِ والبشَريَّةِ جميعًا، ولَسْتُم في دِينِكُم بحاجةٍ إلى رَأيٍ مُختَرَعٍ، ولا إلى هَوَى مُبتدِع، ولا إلى إتِّباعِ كافر، ولا إلى احتفالٍ بِدعِيٍّ، ولا عيدِ كافرٍ، أو عيدِ ماجِن فاجِر، فقد كُفِيتُم، حيث قال ربُّكم سبحانه: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }، ولكِنَّنا وللأسفِ الشديدِ نَرى أعدادًا مِن أهلِ الإسلامِ ذُكورًا وإناثًا صغارًا وشبابًا كُهولًا وشِيبًا بدَلَ أنْ يَغْزُوا الناسَ بنشرِ الإسلام، وتبيينِ رحمةِ تشريعاتِه، وتعليمِ أحكامِه، بالحُجَجِ المُتضافِرَة، والبراهينِ الساطِعَة، ورِفقِ الخطابِ وأدَبِه وحُسنِه، نَراهُم قد غُزوا مِن قِبَل أهل الكُفرِ والنِّفاق، والمذاهبِ الَّلادِينيَّة، والأحزابِ العلمانِيَّة والِّلبراليَّة، فاستجابوا لِطرحِهم، وتأثَّروا بأقوالِهم وأفعالِهم، وتشبَّهوا بِهم، وأضعَفوا الإسلامَ وأهلَه، حتى إنَّه مِن شدَّةِ التأثُّرِ بهذا الغَزو الماكِر قد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في شأنِه: (( «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ» ))، فعجَبًا لهؤلاءِ!: الإسلامُ جعلَ أهلَه دعاةَ رحمةٍ وهداية، وهؤلاءِ أصبَحوا أُسَراءً لأهلِ الكفر، مُقلِّدينَ لهم في عاداتِهم، وأخلاقِهم، وطِباعِهم، واحتفالاتِهم، وأقوالِهم، وأفعالِهم، ومناسباتِهم، ولِباسِهم، وزِيِّهِم وزِنتِهم، الإسلامُ جعلَ أهلَهُ قادةً للناسِ إلى كلِّ خيرٍ وفضيلة، أدِلَّاءَ عليه، وهؤلاء أصبَحوا مَقُودِينَ مِن أعدائه، مُستجيبينَ لِمُخطَّطاتِهم وأفكارِهم، عامِلينَ بإضلالِهم.

أهلَ الإسلامِ والقرآن:

إنَّنا قد نُشاهدُ بعدَ أيامٍ قليلةٍ، وفي اليومِ الرابعِ عشَر مِن شهرِ فبراير مِن كل عام الترويجَ الكبيرَ لِعيدٍ مِن أعيادِ الكفار، وموسِمِ احتفالٍ لَهم، يَزيدُ مِن الفسادِ والرَّذيلة، ويَنتشرُ فيه الفُجورُ أكثر، ويُضعِفُ الفضيلةَ والغَيرةَ والحياءَ والعِفَّة، وقد سَمَّوهُ تلبيسًا وخِداعًا باسمٍ يزيد في انتشاره، ويَدفعُ مِن لم يَقوَ دِينُه إلى فعلِه، أو التسهيلِ مِن أمْره، وقد سَمَّوهُ “بعيد الحُّب”، وهذه سُنًّةٌ شيطانيةٌ معروفة، بإظهارِ الشَّرِ باسْمِ الخير، والقبيحةِ بعُنوانْ الفضيلة، والخائنِ باسْمِ الأمين، والمُضِلِّ باسْمِ المُرشِد، كشفَ اللهُ أمرَها في القرآن، ونبَّهَنَا إلى عواقبها، فقال ــ جلَّ وعلا ــ عن مَكْر إبليس بأبينا آدمَ وأمِّنَا حواء، ليُخرجَهُما مِن الجنَّة: { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ }،{ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى }، وإنَّ لِهذا العيدِ حقيقةً يَنبغِي أنْ تُعلم، وأهدافًا يَجدُرُ أنْ يُتنبَّه لَهَا وتُحذَر، حتى لا يُغرَّرَ بشبابِ وفتياتِ أهلِ الإسلام، ويَنجَرُّوا إلى غيرِ تشريعاتِ دينِ ربِّهم، ويَنبطحوا تحتَ غاياتِ الكفارِ والفُجار، ودُعاة الإلحادِ والرَّذيلة، وأحزابِ التغريبِ واللادِينيَّة، ويَحتفلوا بما لا يجوز في شريعة الإسلام، وما هو مِن سَنَنِ الكفار والفُجار، وحقيقةُ مَبدأِ هذا العيدِ وقِصَّته ــ كما لخَّصَه بعضُهم ــ أنَّهم زَعموا: «أنَّ الرُّومانَ الوثنيِّةَ كانت تَحتفلُ في اليومِ الخامسِ عشَر مِن شهرِ فبراير مِن كلِّ عام، وكان هذا اليومُ عندَهم يُوافِق عُطلةَ الرَّبيع، وفي تلكَ الآوِنةِ كانت النَّصرانيةُ في بدايةِ دعوتِها، فأصدرَ الإمبراطورُ كِلايدِيس الثاني قرارًا بمنعِ الزواجِ على الجنود، وكان حِينَها رجلٌ نصرانِيٌّ راهِبٌ يُدعَى فالَنتاين تَصدَّى لهذا القرار، فكان يُبرِمُ عقودَ الزواج خُفيَة، فلما افتضَحَ أمرُه حُكمَ عليهِ بالإعدام، وفي السِّجن وقعَ في حُبِّ ابنةِ السَّجَّان، وكانَ هذا سِرًّا، لأنَّ شريعةَ النَّصارى تُحرِّمُ على القساوِسةِ والرُّهبانِ الزواجَ، ولكنْ شَفعَ له لَدَيِهم ثباتُه على النَّصرانية، حيثُ عرَضَ عليه الإمبراطورُ أنْ يَعفوَ عنه على أنْ يَترُكَ النَّصرانية ويَعبُدَ آلهةَ الرَّومانِ الوثنيَّة، ويكونَ لَدَيِهِ مِن المُقرَّبين، ويَجعلَه صِهرًا له، إلا أنَه رَفضَ هذا العرْض، وآثَرَ البقاءَ على النَّصرانية، فأُعْدِمَ يومَ الرابعِ عشَر مِن شهرِ فبراير مِن العام (270) ميلادي، ومِن حِينِها أُطْلِقَ عليه لقَبُ القدِّيسِ فلَنتاين، وبعدما انتشرتْ النَّصرانيةُ في أُورُبَّا أصبحَ العيدُ في يومِ الرابعِ عشَر مِن شهرِ فبراير، وسُمِّيَ بعيدِ القِدِّيسِ فالَنتاين، إحياءً لِذكراه، لأنَّه في زعمِهم قد فَدَى النَّصرانيةَ بروحِه، وقامَ برعايةْ المُحِبِّينَ والعُشَّاق».

وأصبحَ هذا العيدُ اليومَ مِن أكبرِ أبوابِ الماسونيَّةِ اللادِينيِّةِ لِنشرِ الإباحيَّة، والشُّذوذِ الجِنسِي، والمِثليَّةِ البَهيميَّة.

أهلَ الإسلامِ والقرآن:

إنَّ ما يُسمَّى “بعيد الحُبٍّ”، لا يجوز لمسلمٍ ولا مسلمةٍ أنْ يَحتفلا بِه، ولا أنْ يُهنِّئا أحدًا بِه، ولا أنْ يَتهاديا لأجلِه وبسببه، ولا أنْ يَخُصَّا يومَه بلباسِ أهلِه الأحمر، وورُدِه الحمراء، ولا بكلماتِ دُعاته وتبريكاتِهم ورسائِلِهم، ولا أنْ يُغيِّرا فُرُشَ البيت بالأغطية الحمراء، ولا أنْ يَنثُرا الورودَ على سُررِه، وفي ممرَّاته، ولا أنْ يُزَيِّنا جُدرانَه وسَقْفَه بالقلوب الحمراء، لأنَّ هذا مِن سَنَن الكفار، وهَديهم، والتأثُّرِ بفعالهم، ونشرِ ما هُم عليه مِن ضَلال، وقد ثبَت أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال زاجِرًا ومُرهِّبًا: (( وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ))، وقال الحافظُ ابنُ كثيرٍ الشافعيُّ ــ رحمه الله ــ معلِّقًا على هذا الحديث: «ففيه دَلالةٌ على النَّهى الشَّديد والتَّهديدِ والوَعِيد على التَّشبُّهِ بالكفَّار في أقوالِهِم وأفعالِهِم، ولباسِهِم، وأعيادِهم، وعباداتِهم، وغيرِ ذلك مِن أمورِهم»، وقال قاضي مِصرَ ومُحدِّثُها أحمد شاكر ــ رحمه الله ــ: «ولم يَختلفْ أهلُ العلمِ مُنذُ الصَّدرِ الأوَّلِ في حُرمَة التشبُّهِ بالكفار»، وقال الفقيهُ ابنُ قاسمٍ الحنبليُّ ــ رحمه الله ــ: «والتَّشبُّهُ بِهم مَنهِيٌّ عنه إجماعًا».

أهلَ الإسلامِ والقرآن:

إنَّ مِن الأمور المُحرَّمة عليكم: إعانةَ الناسِ مسلمينَ أو كفارًا على الاحتفال “بعيد الحُبِّ”، وتقويةَ نفوسِهم على القيامِ بمظاهِره، كتهنئتِهم بِه، أو إهدائِهم شيئًا بمناسبتِه، أو طبعِ  كُروتٍ وأدواتٍ تتعلَّق بِه، أو رَسمِ شِعاراتِه، أو تصنيعِ أو بيعِ ألبستِه وقُبَّعاتِه وقُلوبِه وشاراتِه ومَعاطِفه ولُعَبِه وزُهوره، والمُتاجَرةِ بها، أو طبخِ أطعمتِه وبيعِها والتَّكسُّبِ مِنها، لأنَّ هذا العيدَ مُحرَّمٌ في شريعة الله، والإعانةُ على المُحرَّم حرامٌ، لِنهْيِ اللهِ الشديد عن ذلك وتهدِيدِه، حيث قال ــ جلَّ وعزَّ ــ: { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }، وسُبحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلًا، وله الحمدُ في الأُولَى والآخِرة.

الخطبة الثانية:ـــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ، وسلامٌ على عبادِه الذين اصطفى.

أمَّا بعدُ، فيَا أهلَ الإسلامِ والقرآن:

إنَّكُم واللهِ لَفِي غُنيَةٍ مع زوجاتِكم عن “عيدِ الحُبِّ” هذا، وأشْبَاهِه مِن الأعياد، إذ أنتُم مأمورونَ بتقوى اللهِ فيهنَّ دومًا، حيث صحَّ أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم خطبَ الناسَ في حَجَّةِ الوداع، فكانَ مِمَّا قال: (( فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ))، فاستجيبوا للهِ ورسولِه بأنْ تتقوا اللهَ في نسائكم، وتَلتزِموا معهنَّ بأحكامِ وآدابِ دِينكم، وتُحافظوا على بيوتاتِكم بأنْ تكونَ على شريعةِ الإسلام، وأنْ تُحصِّنوهَا مِن سَننِ الكفار وعاداتِهم، عملًا بقول الرَّبِّ الكريم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا }، وليَكنْ حالُكم مع زوجاتِكم كما أمَرَ ربُّكم ــ تباركَ اسْمُه ــ فقال: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }، وعلى حدِّ قولِ النَّبي صلى الله عليه وسلم الصَّحيح: (( لَا يَفْرَكْ ــ أي: لا يُبغِض ــ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ))، وقولِه صلى الله عليه وسلم الصَّحيح: (( خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لِأَهْلِهِ ))، وقد صحَّ أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ ــ رضي الله عنه ــ قال لامْرأةٍ: (( أَنْتِ الَّتِي تَقُولِينَ لِزَوْجِك: لَا أُحِبُّك، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَشَدَنِي بِاَللَّهِ أَفَأَكْذِبُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَكْذِبِيهِ، لَيْسَ كُلُّ الْبُيُوتِ تُبْنَى عَلَى الْحُبِّ، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَتَعَاشَرُونَ بِالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ )).

اللهمَّ إنَّك قُلتَ آمِرًا لًنا: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لكم }، وإنَّك لا تُخلِفُ الميعاد، وإنَّا نسألُكَ كما هديتنا للإسلام أنْ لا تنزِعَه مِنَّا حتى تتوفانا ونحن مسلمين، اللهم يا مُقلِّبَ القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك، اللهم يا مُصرِّفَ القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك، ربَّنا لا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا مِن لدُنك رحمة إنَّك أنت الوهاب، اللهم أعنَّا على ذِكرك، وشُكرك، وحُسن عبادتك، اللهم أصلح الولاة ونُوَّابهم وجندَهم، وسدِّدهم في الأقوال والأفعال، إنَّك سميع الدعاء، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.