خطبة جامعة لمسائل ووصايا متنوعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة جامعة لمسائل ووصايا متنوعة
الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــــــ
الحمدُ للهِ الذي أمرَ عبادَهُ بكل ما فيه خيرٌ لهُم وصلاح، ونهاهُم عن جميع المَضَارِّ والقِباح، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ الكريمُ الفتَّاح، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الذي جاءَ بأكملِ الأحكامِ والآدابِ، فصلواتُ اللِه وسلامهُ عليهِ وعلى آلِه وأصحابِه أهلِ السَّدادِ والفلاح.
أمَّا بعدُ، فيَا عِبادَ الله:
اتقوا اللهَ حقَّ التقوى، واجعلوا تقواهُ نَصْبَ أعيُنِكم في السِّر والعلَن، فقد قال سبحانَه آمِرًا لكم:{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ }، واعلموا أنَّ تقواهُ إنَّما تكونُ بالمسارعةِ إلى مغفرتِه ورضوانِه، بفعلِ الحسناتِ، وترْكِ الخطيئات، قبلَ انتهاءِ الأجل، وحُلولِ الحسابِ والجزاء،{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا }.
عِبادَ الله:
اتقوا اللهَ في تربيةِ أبنائِكُم وبناتِكم، أحسِنوهَا، واحرصوا شديدًا على إصلاحِها، وابذُلوا وسْعَكُم فيها، وادفعوا عنهم أسبابَ الفسادِ، ولا تكونوا مِمَّن يُعِينُهم على الفساد، أو يُيَسِرُ لهم أسبابَه، وجنِّبوهُم قدْرَ استطاعتِكم مُخالَطةَ مَن لا يُوثقُ بدِينِهِ وخُلُقِه وأمانتِه ومَدخلِه ومَخرَجِه، وأبعِدوهُم عن جميعِ أماكنِ الفسادِ الدَّينِي والأخلاقِي، وفرِّقوا بينَهم في مضاجِعِ النَّوم، واهتموا بألبستِهم في البيت وخارجِ البيتِ، حتى لا تفتِنَهم، فتُوقِعَهُم في فواحشِ المِثلِيين، وقبائِح اللادِينِيين، وبهيميَّةِ الشَّاذِين، ويكونوا لُقمَةً سهلةً للفاجِرين، وكلُّ ذلكَ مُجلَّلًا بالرِّفقِ واللِّين، والشَّفقةِ والرحمة، وجميلِ الكلامِ، وبعيدًا عن العُنفِ المُفرِط، والغِلظةِ المُوحِشَة، مع المُتابعةِ والمُراقبة، والترغيبِ والترهيب، وإظهارِ العطْف والحُنُوِّ، ولا تتساهلوا أو تتغافلوا، فإنَّ النَّارَ المُحرِقةَ للأخضرِ واليابسِ أصلُها مِن شرارةٍ صغيرة.
عبادَ الله:
احذرُوا مِن أربابِ العلمانيةِ واللبراليةِ واللادِينيةِ وأهلِ التغريبِ والإلحادِ، والشُّذوذِ الجِنسِيِّ والفُجور، فهُم يَسعونَ جاهدينَ لِسلخِكُم عن دِينِكُم الإسلام، وإبعادِكُم عن الارتباطِ بأُمَّتِكُم وبلدانِكُم، وجعلِكُم أتباعًا أذلَّاءَ مِثلَهُم لِسادتِهم مِن رجالات ومُفكِّري الغربِ والشَّرق، وأداةً لِمُخطَّاطاتِهم وأفكارِهم وعاداتِهم، فتُصبِحوا أعداءً لِدينِكُم، وحربًا على أصولِه وتشريعاتِه، وعونًا لهُم على أوطانِكُم وعادات مُجتمعِكُم وقِيَمِهِ القويمة، وتَحُلُّوا أخلاقَهُ، وتُفكِّكوا ترابُطَ أُسَرِهِ، وتَملؤوهُ بالعُهرِ والفُجورِ، والشهوانيةِ الجِنسيةِ البهيميةِ المُحرَّمةِ القبيحةِ شرعًا، وعقلًا، وطبعًا.
عِبادَ الله:
تجنبوا مُشاهدةَ المُحرماتِ في القنواتِ الفضائيةِ، أو اليوتيوب، أو الفيسبوك، أو تويتر، أو مواقعِ الإنترنت، أو المسارحِ، أو السِّينما، أو الطُّرقات، وحاذروا الغِشَ والخِداعَ والتدليسَ والتغريرَ في البيع والشراء، أو في الأعمالِ الحِرَفيةِ والمِهنية، أو في العقودِ والمُناقصاتِ والمُضارباتِ التجارية، وابتعدوا عن التشبُّهِ بأهلِ الكفرِ في أفعالِهم، وأقوالِهم، عاداتِهم، وألبستِهم، وقصِّ شُعورِهم، وإيَّاكم والكذبَ، والغِيبةَ، والنميمةَ، والسُّخريةَ، والاستهزاءَ، والظُّلمَ والعُدوانَ، والبَغيَ والفجورَ، والغِلَّ والحِقدَ والحسَد، ولا تُؤذوا الناسَ في أبدانِهم، ولا في أموالِهم، ولا في أعراضِهم، ولا في بيوتِهم، ولا في طُرقاتِهم، ولا في مراكبِهم، واعلموا أنَّ الذُّنوبَ مِن شركياتٍ وبدعٍ ومعاصٍ شرٌّ وضررٌ مُحققٌ عليكُم في دنياكُم، وفي قبورِكم، وفي الدارِ الآخِرة، وإنَّها لتؤثِّرُ في أمْنِ البلاد، وتؤثِّرُ في رخائِها واقتصادِها، وتؤثِّرُ في قلوبِ أهلِها، وتؤثِّرُ في وِحْدَتِهم وائتلافِهم، وإنَّ ما يُصيبُ الناسَ مِن المصائبِ العامةِ أو الخاصةِ، الفرديةِ أو الجماعية، فإنَّه بما كسبَتْ أيديهِم، هُم سبَبُهُ، وهُم أهلُه، هُم سبَبُهُ حيثُ فعَلوا ما يُوجبُه، مِن شركياتِ وبدعِ ومعاصِ، وهُم أهلُه حيثُ كانوا مُستحقينَ له، لِقولِ اللهِ سبحانَه: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }، وقوله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }، وقولِه ــ جلَّ وعلا ــ: { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }.
عبادَ الله:
إنَّ مِمَّا لا يجوز أنْ يَلبسَهُ المسلمُ ذَكرًا كان أو أُنثى الألبسةَ التي تحتوي على صُورٍ لِذَواتِ الأرواح مِن آدميين أو حيوانات، أو تحتوي على صليبٍ، أو شِعارٍ دِينيٍّ للكفار، أو شِعارٍ خاصٍّ بأهل الفِسق والفجور كالمِثليينَ الشَّواذ، وأشباهِهم، أو شِعارٍ خاصٍّ بالأعياد المُحرَّمة كأعيادِ الكفار الدِّينية، أو عيدِ الحُبٍّ، وأشباهها، أو شِعارٍ خاصٍّ بالمُنظَّمات المُنحرِفةِ أو الإجرامية، كالماسونيةِ، والإرهابية، والتكفيرية، وأشباهها، أو شِعاراتِ الشِّيعةِ الرافضة، وعُمومِ أهلِ البِدَعِ والأهواء، حيث صحَّ عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ: (( أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟» فَقُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ»، وَقَالَ: «إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ المَلاَئِكَةُ»ر))، وصحَّ عن عليٍّ ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ لَا تَدَعَ صُورَةً إِلَّا طَمَسْتَهَا» ))، وصحَّ عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ: (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ ))، وثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُم )).
وقالَ العلامةُ ابنُ الأميرِ الصنعانيُّ ــ رحمه الله ــ بعد هذا الحديث: “والحديثُ دَالٌّ على أنَّ مَن تَشَبَّهَ بِالفُسَّاقِ كانَ مِنهُم أو بِالْكُفَّارِ أو بالمُبتدِعَةِ في أيِّ شيءٍ مِمَّا يَختصُّونَ بِه مِن مَلبُوسٍ أو مَركُوبٍ أو هَيئَة”.اهـ
نفعنِي اللهُ وإيَّاكُم بما سمعتُم، والحمدُ لله البَرِّ الرَّحيم.
الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله الذي بِنعمته تَتِمُّ الصالحات، وصَلَّى الله على سيِّدنا محمدٍ النَّبيِّ الأُميِّ وآلهِ وأصحابِه وسَلَّم.
أمَّا بعدُ، فيَا عِبادَ الله:
تجنَّبوا الشحناءَ والتباغُضَ والأحقادَ والحسَدَ فيما بينَكم، واحرِصوا على صفاءِ النفوسِ وتَصفيتِها مِن الضَّغائنِ والشَّحناءِ والغِلِّ والبغضاء، حتى يَغفرَ لكُم ربُّكم، وترتاحَ نفوسُكم، وكونوا مِن أهلِ العفوِ والصَّفحِ والتجاوز، وتغافَلوا عن الزَّلاتِ والهَفواتِ، وأظهِروا الأُلْفَةَ والتآلفَ والتراحم، واجتنِبوا الفُرْقةَ وأسبابَها، وابتعِدوا عن الخصوماتِ والمنازعاتِ، فقد صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ))، وصحَّ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ))، وثبتَ أنَّه قِيلَ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ»، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ» )).
عِبَادَ الله:
احرصوا على أنْ تكونَ مجالسُكم عامرةً بالخير والفضيلة، والمنفعةِ والفائدة، والعلمِ والنُّور، والمكارمِ والفضائل، والشَّهامةِ والمُرؤة، والعِفَّةِ والفضيلة، والصِّدقِ والنُّصح، والحياءِ والطُّهر، والوفاءِ والرُّجولة، إنْ تَحدَّث فيها مُتحدِّثٌ بالخير أعنتموه بالاستماع والإنصات، وشكرتموه، وصَبرتُم عليه، وصبَّرتُم غيرَكم، وإنْ اغتابَ فيه أحدٌ أو نَمَّ أو سَبَّ أو لَعنَ أرشدتموه بالرِّفق والِّلين، وصرفتموه إلى حديثٍ غيرِه، وإنْ حضَرَ وقتُ الصلاةِ أعنْتُم بعضًا على فِعلها في جماعة، وإنْ ظهرَ مُنْكَرٌ ومٌحرَّمٌّ في شاشة تلفازٍ أغلقتموها وأزحتموه، حتى تكونَ هذه المجالس يومَ القيامة لَكم لا عليكم، وتَنتفعون بها ولا تَندمون، إذ ثبَت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا، فَتَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرٍ إِلَّا تَفَرَّقُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ، وَكَانَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))، واعلموا أنَّ الصُّحبةَ والوِفاقِ والوُدَّ يَنقلب يوم القيامة إلى عداوةٍ وبُغضٍ إلا صُحبة المُتقين، لقولِ الله تعالى: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }، فكونوا مِنهم، وسِيروا في رِكابِهم، وتجمَّلوا بأخلاقهم، والزَموا آدابَهم.
وإنَّ أكثرَ مَجَالِسِ الناسِ اليومَ يَشوبُها شيءٌ مِن اللَّغَط في القول، ويَكتنفُها بعضُ الزَّلَلِ في الفِعال، ويَخدشُها كَثْرةُ القِيلِ والقال، فاحرصوا ولا تَنسوا أو تتغافلوا إذا قُمتُم مِنها، وانصرفتُم عنها أنْ تَختموا خروجَكم بكفارة المجلس، لعلَّ اللهَ أنْ يتجاوزَ عمَّا حدَث فيها، ويَعفوَ عن التقصير والزَّلَلِ الذي حصلَ مع أهلها، لِمَا صحَّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَكُونُ فِي مَجْلِسٍ فَيَقُولُ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ )).
عبادَ الله:
إنَّ نصيحةَ المسلمِ لأخيهِ المسلمِ بالكلامِ أو الكتابةِ إذا رَأى مِنهُ خطأً أو تقصيرًا أو تَعدِّيًا أو ظُلمًا أو ضلالًا أو انحرافًا في عقيدتِه أو عبادتِه أو بيعِهِ أو مِهنتِهِ أو أخلاقِه أو صُحبتِهِ أو عِشرتِه لأهلِه أو منهجِهِ أو فقهِهِ وعِلمِه، لتَدُلُّ على حُسْنِ السَّريرة، وبُعدِ القلبِ عن أمراضِ الغِلِّ والحِقدِ والحسَد، ومحبَّةِ الخيرِ للناس، وقوَّةِ الإيمان، وطِيبِ النَّفس، وجميلِ التربية، وعظيمِ الشَّفقة، وشديدِ الرحمة، حيثُ أحبَّ لأخيهِ مِن الخيرِ ما أحبَّ لنفسِه، فأرشدَهُ إليهِ بالنصيحة، ورغَّبَهُ فيه، وكَرِهَ لهُ مِن الشَّرِ ما كَرِهَ لِنفسِه، فحذَّرَهُ مِنه، ورهَّبَهُ عنه، وأبانَ لهُ وجْهَ الحق، وقد صحَّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ))، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أيضًا أنَّه قال: (( الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ ))، وصحَّ: (( إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ شِئْتُمْ لَأُقْسِمَنَّ لَكُمْ بِاللَّهِ: أَنَّ أَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يُحَبِّبُونَ اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ بِالنَّصِيحَةِ»
اللهمَّ أعنَّا على الاستمرارِ والإكثارِ مِن طاعتكَ إلى حين الوفاة، اللهمَّ اغفر لنَا ولجميعِ أهلينا، اللهم احقِنْ دماءَ المسلمينَ في كلِّ مكان، وارفعِ الضُّرَ عنْهُم والكُروب، وأعذْنا وإياهُم مِن الفتنِ ما ظهرَ مِنها وما بطَن، اللهم وفِّق ولاةَ أُمورِ المسلمينَ لِمَرَاضِيكَ، وأزِل بِهمُ الشِّركَ والبدعَ والآثامَ والظلمَ والعُدوانَ والبَغيَ والفجورَ والفساد، اللهمَّ اجعلنا مِمَّن إذا أُعطِي شَكر، وإذا أذْنَب استغفر، وإذا ابتُلي صبَر، اللهمَّ أعِنَّا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسْنِ عِبادَتِك، إنَّكَ سميعُ الدعاء، وأقولُ هذا، وأستغفرُ اللهَ لِي ولكُم.