إغلاق
موقع: "عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد" العلمي > التربية > خطبة مكتوبة بعنوان: ” العلم: فضله، وآثاره على الخلق، وأخذه عن الأثبات “. ملف [word — pdf] مع نسخة الموقع.

خطبة مكتوبة بعنوان: ” العلم: فضله، وآثاره على الخلق، وأخذه عن الأثبات “. ملف [word — pdf] مع نسخة الموقع.

  • 17 أغسطس 2023
  • 1٬449
  • إدارة الموقع

العلم: فضله، وآثاره على الخلق، وأخذه عن الأثبات

الخطبة الأولى:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الذي علَّمَ القرآن، خلقَ الإنسان، علَّمَهُ البيان، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ الملِكُ الرحمن، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه إلى الإنسِ والجَانّ، فصَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه والتابعينَ لهم بإحسان.

أمَّا بعدُ، أيُّها الناس:

فإنَّ مِن أعظمِ العبادات التي يَجدُرُ بالمسلمِ أنْ يكونَ في عِدادِ أهلِها، والسَّابَّقينَ لهَا، والمُكثرينَ مِنها، وتُلازمَهُ ويستمرَ عليها إلى ساعةِ انقضاءِ حياتِه الدنيا:

طلبَ العلم، طلبَ علمِ الشريعة، العلمِ المَبنيِّ على قالَ الله، وقالَ رسولُه، وقالَ الصحابة، والتفقهَ فيه، ودراستَه وتذاكُرَه، وقد صحَّ أنَّ الإمامَ الزُّهرِيَ ــ رحمه الله ــ قال: (( مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ الْفِقْهِ ))، وأعظمُ مِن هذا القول، وأطيبُ لِقلبِ المؤمن، وأشحذُ لنفسِه، وأرفعُ لِهمَّتِه، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّحيح: (( مَنْ يُرْدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِهُ فِي الدِّين ))، وصحَّ أنَّ مُطَرِّفَ ابنَ الشِّخِّيرِ ــ رحمه الله ــ قال: (( حَظٌّ مِنْ عِلْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَظٍّ مِنْ عِبَادَةٍ ))، وصحَّ عن الإمامِ الشافعيِّ ــ رحمه الله ــ أنَّه قال: (( طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ )).

ولمَّا أدرَكّ السَّلفُ الصالحُ الماضون، هذا الفضلَ للعلم، وهذهِ المنزلة، وعِظمَ الأجْرِ والثواب فيه، سمِعتَ وقرأتَ عن كثرةِ العلماء، وتَزايُدِ أعدادِ طلابِ العلمِ في كلِّ بلد، ومِن كلِّ شَعبٍ وقبيلة، وعربٍ وعجَم، وباديةٍ وحاضِرة، وذكورٍ وإناث، ومُسِنِّينَ وكُهولٍ وشبابٍ وصغار، ولمَّا ضَعُفَ هذا الإدراكُ عندَنا، وفي عامَّةِ بيئاتِنا، رأيتَ الرَّجلَ يُحصِّلُ أعلَى الشهاداتِ العلميةِ في أمورِ دُنياه، ويَتبوأُ رفيعَ المراتب، ويَسودُ في الناس، ويُشارُ إليه، ويُتعجَّبُ ويُعجَبُ بما وصَلَ إليه، إلا أنَّه وللأسفِ الشديدِ في بابِ العلمِ بالدِّينِ والشريعةِ مِن أضعفِ الناس، يَرجعُ فيه إلى طالبِ علمٍ شرعيٍّ صغير فيسألَهُ في عقيدتِه، وأحكامِ عبادتِه ومعاملاتِه، مع أنَّ الله تعالى لم يَخلُقْهُ إلا لأجلِ عبادته، كما قال ــ عزَّ وجلَّ ــ: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }، ولا تُعرَفُ عبادتُه سبحانَه على الوجْهِ المقبولِ الذي يَحصلُ بِه الإجزاءُ والصِّحة، ويُنالُ بِه الثوابُ الكثيرُ إلا عن طريقِ طلبِ العلمِ الشرعي، والتفقهِ فيه، ودراستِه، ومطلوبٌ مِنهُ ومِن كلِّ مسلمٍ أنْ يَتعلمَ مِن العلمِ ما يُقيمُ بِه ما يجبُ عليه مِن أمورِ دِينِه، ويأثَمُ بتركِ تعلُّمِه.

يا طالبَ القُربِ مِن اللهِ ــ سدَّدكَ اللهُ وقوَّاك ــ:

لئِن كنتَ تريدُ الرِّفعةَ في الدُّنيا والآخِرة، فاطلُبْها في العلم الشَّرعي، فقد قال اللهُ سبحانه: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }، وثبتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( إِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ )).

وإنْ رُمْتَ خشيةَ اللهِ في السِّرِ والعلانية، ورِقَّةَ القلبِ وطمأنينَتَه، فلازمِ العلمِ الشَّرعيِّ واطلُبْه، إذ قالَ اللهُ سبحانه: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }، ولمَّا كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعظمَ الناسِ علمًا، وأجلَّهُم فقهًا، كان كما أخبرَ عن نفسِه الشريفة، إذ صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي ))، وثبتَ عن الإمامِ سفيانَ الثوريِّ ــ رحمه الله ــ أنَّه قال: (( إِنَّمَا يُتَعَلَّمُ الْعِلْمُ لِيُتَّقَى اللَّهُ بِهِ، وَإِنَّمَا فُضِّلَ الْعِلْمُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّقَى اللَّهُ ــ عَزَّ وَجَلَّ ــ بِهِ )).

وإنْ كنتَ تَبغِي الجنَّةَ، فطلبُ العلمِ الشَّرعيِّ مِن أوسعِ أبوابِها، حيثُ ثبتَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ )).

وإنْ كانَ الناسُ يَرثونَ عن أسلافِهمُ الدراهمَ والدنانيرَ فينبسِطونَ ويتوسَّعونَ مِن الدنيا، فطالبُ العلمِ الشَّرعي يَرثُ أفضلَ الخلقِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ويُسعِدُ قلبَهُ في الدُّنيا سعادةً لا مَثيلَ لهَا، ويتوسعُ بسببِ العلمِ في الجِنانِ بأفضلِ ما يكونُ مِن نَعيم، وقد ثبت أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ عن ميراثِه وميراثِ الأنبياءِ قبلَه: (( إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )).

أيُّها الناس:

كيفَ لا يكونُ العلمُ الشَّرعيُّ وأهلُه بهذا الفضلِ العظيم، والمنزلةِ العالية، وفيه حفظُ دِينِ اللهِ وشريعتِه عن تحريفِ وتلبيسِ المُضللِّين، وإبطالُ زيادةِ وتجاوزِ المُبتدِعين، ومعرفةُ الحقِ مِن الباطل، والتوحيدِ مِن الشِّرك، والسُّنةِ مِن البدعة، والطاعةِ مِن المعصية، وأهلِ السُّنةِ والحقِ مِن أهلِ البدعةِ والضَّلالَة.

كيفَ لا يكونُ كذلكَ، وفيه حفظُ دِينِ العبدِ وسلامتِه مِن الوقوعِ فيما حرَّمَ اللهُ عليه في جميعِ الأبواب، في بابِ التوحيدِ والشِّرك، وبابِ السُّنةِ والبدعة، وبابِ العباداتِ معَ الله، وبابِ المعاملاتِ معَ الخلق.

كيفَ لا يكونُ كذلك، وفيه دَرءُ الفتنِ المُضعِفةِ للدِّينِ والإيمان، والمشوِّشةِ على القلبِ والذِّهنِ مِن الوصولِ إلى الحق، والجَالبةِ للقتلِ والاقتتال، وإهلاكِ الحرْثِ والنِّسل، وإحلالِ الخوفِ والتشريد بدَلَ الأمْن، وحصولِ الجوعِ والفقرِ وضعفِ الاقتصاد.

فالعلمُ الشَّرعِيُّ نورٌ يَسيرُ بِه العبدُ إلى ربِّه في عقيدتِه وعبادتِه وأخلاقِه ومعاملاتِه على صراطٍ مستقيم، كما قالَ اللهُ سبحانَه:{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا }.

ونحنُ واللهِ رجالًا ونساءً عرَبًا وعَجَمًا، وفي كلِّ أرضٍ وبلاد، مُحتاجونَ شديدًا إلى العلمِ الشَّرعيِّ، وإلى طلبِهِ والجِدِ في دراستِه، مُحتاجونَ إليهِ في معرفةِ عقيدتِنا وتوحيدِنا وأصولِ دِينِنا، ومعرفةِ عباداتِنا مِن صلاةٍ وصيامٍ وحجٍ وزكاةٍ وغيرٍها، مُحتاجون إليه في معرفة ما أُحِلَّ لنا وما حرِّم علينا، مُحتاجونَ إليهِ في معرفة أحكام معاملاتنا وعقودنا ومناكحاتنا، مُحتاجون إليه في معرفةِ تعامُلِنا مع حُكامِنا، وما يحدثُ في بلادِنا وما حولَها مِن فتن، مُحتاجونَ إليهِ في معرفةِ تعامُلِنا مع أعدائِنا في الحربِ والسِّلمِ ووقتِ القوَّةِ والضَّعف، مُحتاجونَ إليهِ في معرفةِ أهلِ البدعِ والأهواءِ وأهلِ التغريبِ والإلحادِ واللبراليةِ والعلمانيةِ وأحزابِهم وتنظيماتِهم ورِجالاتِهم حتى لا نكونَ مِنهم ولا معهم، ولا تَتسَلَّلَ إلينا ولا إلى بيوتِنا وأهلِينا ضلالاتُهم وفسادُهم وشَرُهم ومَكرُهم وكيدُهم.

يا طلابَ العلمِ ــ زادكمُ اللهُ فقهًا في دِينِه وشرعِه ــ:

إنَّنا نعيشُ في زمانٍ قد قلَّ فيه العلماءُ الراسخونَ الأثبات، وكثُرَ فيه الجهلُ بأحكام ِالشريعة، وانتشرَ حتى عمَّ المُدنَ والقُرى والبوادي، وزُهِدَ في أهلِه ومجالِسِه ودُروسِه وكُتبِه، حتى إنَّك لتَرى الرَّجلَ قد درسَ في جامعاتٍ ومعاهدَ تُدرِّسُ العلمّ الشَّرعي، وحضرَ حِلَقَ العلماءِ وطلابِ العلمِ الأقوياءَ سِنينَ عديدة، ثم تسألُهُ أو تُذاكِرُهُ أو يُستَفتَى وإذا هو ضعيفُ العلم، قليلُ الفقه، قد نَسِي ما درَس، وذهبَ عنه ما كانَ قد حفظ، فأصبحَ أشبَهَ بالعوام، وهذا يؤكِّد لنا ما صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ ))، فكيفَ إذا جمعنا معَهُ ما صحَّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا )).

فالجِدَّ الجِدَّ ــ عِبادَ الله ــ في طلبِ العلمِ وتحصيلِه، والتشمِيرَ التشمِيرَ إلى حفظِه ومُذاكرتِه، أقبِلوا عليهِ بهمَّةٍ عالية، ورغبةٍ كبيرة، واسألوا ربَّكم الإعانةَ عليهِ والقبول، واعلموا أنَّكُم إنْ حضرتُم مجالسَ أهلِه فأنتُم في عِبادة، وإن قرأتُم كُتبَهُ وحفظتُم أدِلَتَّهُ ومسائِلَهُ فأنتُم في عبادة، وإنْ راجعتُموهُ وذاكرتُموهُ مع غيرِكُم أو لِوحدِكُم فأنتُم في عِبادة، وإنْ خرجتُم في سبيلِ طلبِه فأنتُم في عبادة، وإنْ عمِلتُم بِه فأنتُم في عِبادة، وإنَّ علَّمتُموهُ غيرَكُم فأنتُم في عِبادة، وإنَّ مِن بركةِ العلمِ الشَّرعِيِّ، وكبيرِ نفعِه، أنَّ الإنسانَ يتعلَّمُ مِنهُ مسألةَ واحدةَ أو يُعلِّمُها فيُعبَدَ اللهُ بها طولَ الحياة، وإلأى حين الوفاة، وقد قال اللهُ آمِرًا عبادَه: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ }، وقال سبحانه مُبشِّرًا: { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ }، وأمرَ اللهُ رسولَهُ صلى الله عليه وسلم بالدعاءِ بالزيادةِ مِن العلمِ، فقال سبحانَه: { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا }، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

الخطبة الثانية:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدُ للهِ الفتَّاحِ العليم، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّهِ محمدٍ الكريم، وعلى آلِه وأصحابِه المَيامين.

أمَّا بعدُ، أيُّها المسلمون:

فاتقوا اللهَ ربَّكم حقَّ التقوى، فإنَّ تقوىَ اللهِ خيرُ لِباسٍ لكُم وزاد، وأفضلُ وسيلةِ إلى رِضا ربِّ العباد.

واعلموا أنَّ مِن أعظمِ خصالِ التقوى، وأجلِّ صفاتِ أهلِ الإيمان، ودلائلِ جميلِ الدِّيانة، وعلاماتِ وُفُورِ العقلِ وسَدَادِه:

الحرصَ الشديدَ على التفقهِ في الدِّين، وأخذَهُ عن أهلِه الراسخينَ الأكابرِ وطُلابِ العلمِ الأقوياءِ مِن أهلِ السُّنةُ السائرينَ على منهجِ السَّلفِ الصالح مِن الصحابةِ والتابعينَ فمَن بعدَهم، وقد صحَّ عن تلميذِ الصحابةِ محمدِ بنِ سِيرينَ ــ رحمه الله ــ أنَّه قال: (( إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ )).

واحذروا أنْ تأخذوهُ عن أهلِ البدعِ والأهواءِ، وأصحابِ الجماعاتِ والأحزابِ والتنظيماتِ، وأهلِ التَّصوفِ والطُّرقِ الصوفية، وأربابِ التكفيرِ والخوارج، وأبعِدوا أنفُسَكم عن كُتبِهم، وأشرطتِهم، وبرامجِهم في الفضائيات، ومقاطعِ صوتياتِهِم في برامجِ التواصل الاجتماعِي، وفتاويهِم، وخُطبِهم، ودُروسهم، ومحاضراتِهم، حتى لا تَضِلُّوا بسببِهم، فإنَّ الدِّينَ أعزُّ ما تملكون، ولأجلِه خُلِقتُم، وبِه تخسَرونَ أو تربحونَ يومَ القيامة.

مَنَّ اللهُ عليَّ وعليكم: بتحقيقِ التقوى، وجعلَني وإياكُم مِن المُتقينَ الذين لا خوفٌ عليهم ولا هُم يَحزنون، وجعلَنا مِمَّن إذا ذُكِّرَ ادَّكَر، وإذا وعِظَ اعتبَر، وإذا أُعطِيَ شَكر، وإذا ابتُليَ صَبر، وإذا أذنَبَ استغفر، ربِّ اغفر وارحم إنَّك أنت الأعزُّ الأكرم، اللهمَّ أصلح الولاةَ ونُوّاَبَهم وجندَهم وسدِّدهُم إلى مراضيك، إنَّك سميعُ الدعاء، وأقول هذا، وأستغفر الله لِي ولكم.