نسبة الخوارج التكفيريين إلى أهل السنة السلفيين ظلم وافتراء وفجور في الخصومة ومجانبة للصدق وخروج عن العدل
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد، أيها المسلم الصادق المنصف – سددك الله وزادك بصيرة -:
فقد تسمع، وأسمع معك، ويسمع آخرون، في أحايين مختلفة، ومناسبات متنوعة، مِن أقوام لهم مشارب متعددة، ومقاصد مختلفة:
” نسبة الخوارج التكفيريين إلى أهل السُّنة السلفيين “.
فأسأل الله تعالى أن يصلحهم، ويرزقهم الصدق، ويهديهم إلى العدل، ويجنبهم الفجور في الخصومة، إنه سميع مجيب.
ولا ريب عند المؤمن الصادق العادل المُطَّلِع الخبير أن من نَسب الخوارج التكفيريين – في أي عصر كانوا، ومِن أي مِصر، وبأي اسم وفرقة تسموا -:
” إلى أهل السُّنة السلفيين “.
فقد ظلم، وافترى، وفجَر في الخصومة، وجانب الصدق، وخرج عن العدل، وسوَّد صحيفته، وشان تاريخ حياته، وأساء إلى نفسه قبل غيره.
وبيان ذلك:
أن أهل السنة السلفيين – سلمهم الله وسددهم – متفقون على أن الخوارج ليسوا أهل سنة، بل أهل بدعة وضلالة، ومن شرار الخلق، وأبعدِهم عن القرآن والسنة النبوية ومنهج السلف الصالح أهل السنة والحديث.
ولا يوجد أحد في الدنيا كلها، ومختلف أزمانها وبلدانها، حذَّر ونفَّر الخليقة من الخوارج التكفيريين، وبيَّن انحراف منهجهم، وقُبح مذهبهم، وكَشَف شُبههم، وردَّ باطلهم، وأنكر فِعَالهم، وأعلَمَ الناس بجهلهم في الدين، وتكفيرهم للمسلمين، وتعطشهم لإراقة دمائهم، وسعيهم في أكل وتدمير أموالهم وممتلكاتهم، وتشويههم للإسلام والمسلمين، أكثر من أهل السنة السلفيين.
وهذه كتب الاعتقاد والسُّنة والبدع والفِرَق وشروح الحديث والردود والسِّير والجهاد والتراجم والتاريخ في جميع الأزمنة وزماننا، تشهد بذلك، وتُصدِّقه وتُعليه، وتوضحه لكل أحد وطالب.
وزد في عصرنا هذا:
تحذيراتهم من الخوارج التكفيريين، وردودهم عليهم، في الخطب، والمحاضرات، والفتاوى، والمجامع، والملتقيات، والمطويات، والأشرطة، والسيديهيات، والصحف، والمجلات، ومواقع الإنترنيت، واليوتيوب، وبرامج التواصل كتويتر والفيس بوك والوتسآب وسناب شات والتلغرام وغيرها.
حتى إنه لا يفوقهم أحد في ذلك، لا من جهة الكم، ولا من جهة الكيف، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
ومن غصَّت نفسه أو ترددت أو عبث بها غيره أو لم يرق لها هذا التفوق، وهذه الأكثرية، فالميدان مفتوح أمامه، ليثبته لغيرهم بالكم والكيف والمصادر، مع الصدق، وقصد الحق.
فإن كان كذلك، أو جانب فدلَّس ولبَّس وخدع، فسيعجز لا محالة، وسيخسر ولا بد.
بل إن عامة مَن حذَّر وحذِر الخوارج التكفيريين من عموم الناس، – سواء كانوا من العامة أو الكُتَّاب أو الدعاة أو السياسيين أو الأساتذة أو المصلحين الاجتماعيين والنفسيين أو الأمنيين – عالة وتبع في هذا الباب على أهل السنة السلفيين من جهة المعرفة العلمية، والسابقة، والجرأة في المواجهة، ووضوح الطرح، وقوة الاستدلال، ودحض الشُّبَه، وكشف التلبيس، والتَّبَصُر والتبصير بأسباب الانجراف إلى فوهة ومستنقع التكفير والقتل والتفجير.
وقد جاء في شرع الله وشريعته لمن يخشى الله والدار الآخرة:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
{ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }.
{ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }.
{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }.
قال العلامة الشوكاني – رحمه الله – في “تفسيره”(1/ 514):
والبهتان مأخوذ من البهت؛ وهو الكذب على البريء بما يُنبهت له، ويُتحير منه، يُقال: بهته بُهتًا وبهتانًا: إذا قال عليه ما لم يقل.اهـ
وقال الإمام ابن جرير – رحمه الله – في “تفسيره”(10/ 331):
وقوله: { إِثْمًا مُبِينًا } يقول: وإثمًا يبين لسامعه أنه إثم وزور.اهـ
وأخرج الحاكم في “مستدركه”(2/ 27) بسند جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( من قال في مؤمن ما ليس فيه، حُبس في رَدْغَةِ الخَبال، حتى يأتي بالمخرج مما قال )).
ورَدْغة الخبال هي: عصارة أهل النار، كما جاء تفسيرها في حديث آخر.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه:
(( أي الربا أربى عند الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم، ثم قرأ: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } )).
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( اتقوا الظلم، فإن الظلم ظُلُمات يوم القيامة )).
وكتبه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.