الفرق بين هَدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع القبور والمقبورين والمقابر وهَدي الصوفية
الخطبة الأولى:ــــــــــــــ
الحمد لله الذي بيده أزِمَّةُ الأمور ومقاليدها، وتبارك مَن لم يَشْرِكْهُ في الخلق والرِّزق والتدبير أحد مِن العالمين، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، كاشفُ الشِّدات، وفارج الكربات، ومُيسِّر المعضلات، ودافع المشكلات، ومُزيل البليَّات، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أفضلُ داعٍ إلى الله، وأخشاهم له وأتقى، فاللهم صلِّ عليه، وعلى آل بيته وأصحابه وأتباعه، وسَلِّمْ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمَّا بعد، أيُّها المسلمون:
فإنَّ مَن نظر إلى حال كثير مِن الناس اليوم جهةَ قبور الموتى، والمقبورين فيها، والمقابر، فسيجد الاختلاف الكبير، ويلحظ المفارقة الشَّديدة بينها وبين ما جاء في سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية الصَّحيحة، وما نُقل عن الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ مِن أقوال وأفعال ثابتة، وما قاله ودوَّنه أئمة الإسلام في القرون الأولى الثلاثة المُفضَّلة وما بعدها، وأئمة المذاهب الأربعة المشهورة.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن البناء على القبور، ويُرسل أصحابه ــ رضي الله عنهم ــ ليهدموا ما بُني على القبور قبل الإسلام، وأذِنَ لهم في رفعها بالتراب عن الأرض نحو شِبر حتى يُعلم أنَّها قبور فيُدعى لأهلها ولا تُهان فتداس بالأقدام، أو يُجلَس عليها، أو تلقى فيها القاذورات.
وهُم ــ أرشدهم الله ــ يَبنون عليها، بل ويُوصون أبناءهم بالبناء على قبورهم بعد وفاتهم، ويَتركون لهذا البناء مالًا، فهذا قد بَنَوا على قبره قُبَّة، وهذا بَنَوا على قبره بالاسمنت والرُّخام نحو متر أو أقلَ وجعلوا في وسطه قُبَّة، وهذا عمَّروا على قبره غُرفة مُجمَّلة بالزَّخارف، وقد صحَّ عن جابر ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ ))، وصحَّ عن أبي الْهَيَّاجِ أنَّه قال: قال لي علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ: (( أَلاَّ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالًا إِلاَّ طَمَسْتَهُ، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ )).
وقد قال إمام أهل مصر الليث بن سعد ــ رحمه الله ــ : بُنيان القبور ليس مِن حال المسلمين، وإنَّما هو مِن حال النصارى.اهـ
وقال قاضي بلاد اليمن الشوكانيُّ ــ رحمه الله ــ: اعلم أنَّه قد اتفق الناس سابقهم ولا حقهم، وأوَّلهم وآخرهم مِن لدُن الصحابة إلى هذا الوقت: أنَّ رفع القبور والبناء عليها بدعة مِن البدع التي ثبت النهي عنها، واشتدَّ وعيد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لفاعلها.اهـ
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن اتخاذ القبور مساجد، ببناء المساجد على القبور، أو جعل قبور الموتى في المساجد، أو جعل القبور أماكن للعبادة كالمساجد، وبيَّن لهم أنَه مِن فِعل وهَدي اليهود والنصارى، ولعن مَن فعل ذلك.
فخالفوه ــ أرشدهم الله ــ وبَنَوا المساجد على القبور، وقبَروا موتاهم في المساجد إمِّا في قِبلتها، أو سطها، أو مؤخِّرتها، أو على جنباتها، أو في بدرومها، أو فنائها، وأوصوا أبناءهم بفعل ذلك لهم إذا ماتوا، وتركوا لهم مالًا لِفعل ذلك بِهم، وجعلوا القبور كالمساجد أماكن للعبادات مِن صلاة ودعاء للأنفس والأهل والذُّرية وذِكر لله واستغفار وقراءة قرآن وغير ذلك، وقد صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل موته بليالٍ زاجرًا أمَّته عن ذلك: (( أَلاَ وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ ))، وصحَّ أنَّ أمَّ حبيبة وأمَّ سلمة ــ رضي الله عنهما ــ ذَكَرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فقال صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ أُولَئِكِ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَمَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ )).
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن الكتابة على قبور الموتى، سواء كانت قبور أنبياء أو صالحين أو آباء أو زعماء أو جنود أو غيرهم.
وهُم ــ أرشدهم الله ــ قد خالفوه فوضعوا على قبور الموتى رُخامًا أو حِجارة أو ألواحًا كتبوا عليها اسم الميت، وزمن وفاته، أو سورة كالفاتحة، أو آيات قرآنية، أو أدعية، أو شيئًا مِن أفعال الميت وصفاته، أو أنَّه شهيد في معركة كذا، وقد جاء بإسناد صحيح عن جابر ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ، أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ، أَوْ يُجَصَّصَ، أَوْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ )).
رسول الله صلى الله عليه وسلم يِنهى عن تزيين القبور وتجمِيلها وصبغها بالجصِّ وغيره مِن المجمِّلات والمزينات.
وهُم ــ أرشدهم الله ــ قد خالفوه فزيَّنوها بالسُّتور والأقمشة والرِّقاع المُذهَّبة، أو زخرفوها بالرُّخام متلألئ الألوان، أو زينوها بالنُّقوش مُتعدِّدة الأشكال والألوان، أو بالخطوط العريضة المتنوِّعة، أو بالورود والزهور ذوات الألوان والروائح الطيِّبة وكأنها أماكن أفراح وأعراس لا أماكن خوف ورهبة وتَذكُّرٍ للآخِرة وما فيها مِن حساب وجزاء، وقد صحَّ عن جابر ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ )).
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن شدِّ الرَّحل سفرًا للعبادة إلى غير المساجد الثلاثة.
وهُم ــ أرشدهم الله ــ قد خالفوه فشدُّوا رِحالهم سَفرًا إلى قبور الأولياء، حتى إنَّه ليجتمع عند بعض القبور في بعض الأوقات والبلدان المئات أو الألوف، فيتعبَّدون عندها، فيدعون وينذرون ويذبحون ويُصلُّون ويعتكفون ويتصدقون بالأموال والأطعمة والألبسة ويستغفرون ويذكرون الله كثيرًا ويقرؤون القرآن، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى )).
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل المقابر مكانًا للتَّقرُّب إلى الله تعالى بفعل العبادات العديدة والمختلفة.
وهُم ــ أرشدهم الله ــ قد خالفوه فجعلوا المقابر محلًا للعبادات الكثيرة والمتنوعة مِن صلاةٍ واعتكافٍ وذبح ونذرٍ ودعاءٍ للنفس والأهل وذِكرٍ كثير لله واستغفارٍ وقراءة قرآن وصدقة وغير ذلك، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا )).
فدَلَّ هذا الحديث النَّبوي: على أنَّ المقابر ليست أماكن للتَّقَرُّب إلى الله بفعل الصلوات مِن فرائض ونوافل.
وصحَّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ )).
فدلَّ هذا الحديث النَّبوي: على أنَّ المقابر ليست أماكن للتَّقرب إلى الله بقراءة القرآن أو بعض سوره وآياته.
وصحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ ))، وصحَّ عن زيد الجُهَني ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( لَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، وَاتخِذُوا فِيهَا مَسَاجِدَ )).
فدلَّ الحديث النَّبوي والأثر عن الصحابي: على أنَّ الأماكن التي تُعمر بالعبادات والطاعات المتنوعة تقرُّبًا إلى الله تعالى إنَّما هي المساجد والبيوت لا القبور والمقابر، فليست محلًا لذلك.
رسول الله صلى الله عليهم ينهاهم عن اتخاذ القبور عيدًا، وعلى رأسها قبره صلى الله عليه وسلم.
وهُم ــ أرشدهم الله ــ قد خالفوه فاتخذوها عيدًا، فخصَّصوا لها أوقاتًا مُعيَّنة مِن الأسبوع أو الشهر أو السَّنة تُزار فيها، كيوم عاشوراء، أو يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو يوم مولد الوليَّ الفُلاني، أو يوم النصف مِن شعبان، أو يوم عيد الفطر، أو يوم عيد الأضحى، أو يوم الجمعة، أو غيرها مِن الأيَّام، وكلما عاد هذا الوقت جاءوا إليها مرَّة أخرى، بل وتراهم يأتون إليها في هذا الوقت الذي حدَّدوه بأعداد غفيرة، ويَشدُّون رحالهم إليها سَفرًا مِن بلدان متعددة وبعيدة، وقد صحَّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ )).
فدلَّ هذا الحديث النَّبوي: على تحريم جعلِ قبر النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا، ويتحقق جعله عيدًا بقصده بالزيارة والاجتماع في وقت مُعيَّن عائدٍ بعَودِ السَّنة أو الشهر أو الأسبوع، إذ العيد اسم لِما يَعود ويتكرَّر في زمن معيَّن، وسُمِّي يوم الفطر ويوم الأضحى عيدًا، لأنَّهما يعودان ويتكرَّران في نفس الوقت مِن كل سَنة.
ودَلَّ هذا الحديث النَّبوي أيضًا: على أنَّ الدعاء للرسول بالصلاة عليه يكفي مِن أيِّ مكان في الأرض، ويَبْلُغه، ولا يُشترط أنْ يكون عند قبره.
وإذا كان هذا النهي والمنع مِنه صلى الله عليه وسلم في حقِّ قبره، فقبور غيره مِن البَشر أولى بالنهي والمنع والتحريم.
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ــ رضي الله عنهم ــ وأئمة الإسلام بعدهم مِن أهل القرون الأولى وأئمة المذاهب الأربعة المشهورة لم يَكن مِن هديهم التَّمسُّح بالقبور باستلامها بالأيدي والخِرَق وتقبيلها بالأفواه إنْ زاروها، حتى ولو كانت قبور أفضل الناس وأكثرهم علمًا وصلاحًا.
وهُم ــ أرشدهم الله ــ إذا زاروا قبور الأولياء تمسَّحوا بها بأيديهم وأبدانهم وثيابهم، وقبَّلوها بأفواههم، طلبًا للبركة، واستشفاء بها مِن الأمراض.
وقد قال الإمام الزعفراني الشافعي ــ رحمه الله ــ: واستلام القبور وتقبيلها الذى يفعله العوام الآن مِن المبتدعات المنكرة شرعًا، ينبغي تجنُّب فعله، ويُنهي فاعله.اهـ
وقال الفقيه المشهورُ بزَرُّوقٍ المالكي ــ رحمه الله ــ: مِن البدع التُّمسحُ بالقبر عند الزيارة، وهو مِن فِعل النصارى، وحمْلُ تُراب القبر تبرُّكًا بِه، وكلُ ذلك ممنوعٌ، بل يَحرُم.اهـ
وقال الفقيه الزاهد عبد القادرِ الجيلانيُّ الحنبلي ــ رحمه الله ــ: وإذا زار قبرًا، لا يَضع يدَه عليه، ولا يُقبِّلُه، فإنَّه عادةُ اليهود.اهـ
وقال الفقيه الطحطاويُّ الحنفي ــ رحمه الله ــ: ولا يَمسُّ القبر، ولا يُقبِّله، فإنَّه مِن عادة أهل الكتاب، ولم يُعهد الاستلام إلا للحَجَرِ الأسود والرُّكنِ اليماني خاصة.اهـ
وقال الإمام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ: وأمَّا التَّمسحُ بالقبر ــ أيَّ قبر كان ــ وتقبيله، وتمريغ الخدِّ عليه فمنهي عنه باتفاق المسلمين، ولو كان ذلك مِن قبور الأنبياء، ولم يفعل هذا أحد مِن سَلف الأمَّة وأئمتها.اهـ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا }، نفعني الله وإيّاكم بما سمعتم، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية:ــــــــــــــ
الحمد للهَ الكريم الرحيم، وأصلِّي وأسلِّم على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه المهتدين.
أمَّا بعد، أيَّها المسلمون:
فلقد كانت زيارة القبور منهيًّا عنها، ثم أُذِنَ بزيارتها لسببين نافعين:
أحدهما: انتفاع الزائر لها بِتذكُّره الموت والآخرة، حيث صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ )).
والثاني: نفع الميت بالدعاء له بالمغفرة والرحمة، حيث صحَّ: (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَى عَلَى الْمَقَابِرِ قَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ لَنَا وَلَكُمْ ))، وصحَّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا زار مقبرة البقيع يقول: (( اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ )).
فمَن زار القبور لأجل ذلك فقد أقام السُّنَّة النَّبوية، وعمل بها، وسار على هَدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومَن زارها للطواف حولها، أو دعاء أهلها بتفريج الكرب ودفع الشرور وطلب الشفاعة مَنهم، أو لأجل الذبح والنذر لأهلها، أو العكوف عليها والاعتكاف عندها، أو قراءة القرآن أو الفواتح، أو ذِكر الله، أو الدعاء للنفس والأهل، أو لأجل التَّمسح والتَّبرك بها وبالمقبورين فيها، فقد خالف السُّنَّة النَّبوية، وضادَّ الشريعة المُحمدية، وسار على سَنَن اليهود والنصارى، ومَن تابعهم في أفعالهم مِن الشيعة الرافضة وغلاة الصوفية.
هذا وأسأل الله تعالى أنْ يجعلنا مِن التائبين المستغفرين، وأنْ يحيينا ويميتنا على التوحيد السُّنَّة، اللهم احقن دماء المسلمين في كل أرض وبلاد، وجنِّبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأعذهم مِن دعاة الفتن والمفتونين، اللهم وفِّق جميع ولاة أمور المسلمين إلى مراضيك، وارزقهم البطانة الطيِّبة، التي تدلهم وتعينهم على الخير للعباد في دينهم ودنياهم، اللهم رُدَّ العباد إلى التوحيد والسُّنَّة ردًّا جميلًا، وجنبهم الشرك والبدعة والدعاة إليهما، اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين، وارزقهم النعيم في قبورهم والسُّرور، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.